عالم القدس والحضرة الإلهيّة التي عرضها كعرض السماء والأرض الذي ينتهي إلى حركة سفينة النجاة ، فالعقل بمنزلة القيّم للسفينة ، ويقال له : الرُّبّان ، ونسبته إليها كنسبة النفس في البدن لجامع التربية والتدبير ، فالعقل لا ينفكّ عن العلم ، فإنّ نسبته إلى العقل كنسبة النور من السراج ، والرؤية من البصر ، فالعلم دليل العقل كالكواكب دليل قيّم السفينة .
ومع هذه الخصال كلّها لابدّ من الصبر ؛ فإنّ ارتقاء الإنسان من حدّ البشريّة إلى حدّ القرب من اللّه لا يقع إلاّ بتحوّلات كثيرة ، وتقلّبات شديدة ، ومجاهدات قويّة مع النفس في مدّة طويلة ، فتحتاج إلى صبر عريض ، وعزم تامّ ؛ لقوله : « فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ » ۱ و« لا تعجل فالصبر مفتاح الفرج » ، فلهذا قال : « وسكّانها الصبر » ؛ فإنّ العجلة من فعل الشيطان « وَ لاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْءَانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ » ۲ .
قال عليه السلام : سفينتك . [ ص۱۶ ح۱۲ ]
أقول : سُمّيت السفينة سفينة لأنّها تسفن الماء أي تقطعه ۳ ... . أي حاملاً يركب عليه في حركته إلى غايته . والمطيّة الناقة التي يُركب مطاها أي ظهرها .
قال عليه السلام : ليعقلوا . [ ص۱۶ ح۱۲ ]
أقول : اللام للتعليل أي إنّما بعثوا ليكمل العباد لأجل أنّهم علموا من اللّه علماً لدّنياً ووهباً إلهيّاً .
قال عليه السلام : وأكملهم عقلاً . [ ص۱۶ ح۱۲ ]
أقول : لما كان حسن العقل بكمال العلم بالموجودات والإحاطة بالمعقولات . وكمالُ الإحاطة بها يوجب كمال الارتفاع ، فلذا قال : وأكملهم عقلاً .