وبالجملة ، إنّ المراد من « المرء » هو الجوهر المجرّد الملكوتي المتعلّق بالهيكل العنصري تعلُّقَ تدبيرٍ وتصرّفٍ لا الهيكل الهيولي الذي هو البدن ، ولا القلب بمعنى ذلك الجزم ، ومن الظاهرة المغايرة بينهما .
ويدلّ على ذلك ما في الروايات من أرباب العصمة والطهارة صلوات اللّه عليهم أجمعين ، منها ما رواه الصدوق عليّ بن بابويه ـ قدسّ اللّه روحه وزاد في سماء القدس فتوحه ـ في باب السعادة والشقاوة من كتاب التوحيد بهذه العبارة :
حدّثَنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار وسعد بن عبداللّه جميعاً ، قالا : حدّثنا أيّوب بن نوح ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزّوجلّ : «وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ» ۱ قال : « يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ » .
وقال أبو عبداللّه عليه السلام : « إنّ اللّه تبارك وتعالى ينقل العبد من الشقاء إلى السعادة ، ولا ينقله من السعادة إلى الشقاء » ۲ .
ومن ذلك ما في كتاب المحاسن للبرقي :
عنه ، عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه تعالى : « وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ » فقال : «يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ» ۳ .
عنه ، عن ابن محبوب ، عن سيف بن عميرة وعبدالعزيز العبدي وعبداللّه بن أبي يعفور ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : « أبى اللّه أن يعرّف باطلاً حقّا ، أبى اللّه أن يجعل الحقّ في قلب المؤمن باطلاً لا شكّ فيه ، وأبى اللّه أن يجعل الباطل في قلب الكافر المخالف حقّا لا شكّ فيه، ولو لم يجعل هذا هكذا ، ما عُرف حقّ من باطل» ۴ . انتهى .