105
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

للتوبيخ ؛ لأنّها تقتضي الإقرار بشيء يكون الإقرار به صحيحاً كما يقتضي الاستفهام للإخبار عن المستفهم .
قال عليه السلام : « لا يعقلون شيئاً » ۱ . [ ص۱۴ ح۱۲ ]
أقول : مع أنّهم يعقلون كثيراً من اُمور الدنيا ، فالمراد بقوله : « لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً » أي ليس من شأنهم إدراك المعقولات من الذات والصفات وأفعاله تعالى وآثاره ولا يهتدون إلى طريق اكتسابه .
قال عليه السلام : « كمثل الذي ينعق » ۲ . [ ص۱۴ ح۱۲ ]
أقول : النعق مأخوذ من نعق الراعي الغنمَ إذا صاح بها ۳ . وأمّا نعق الغراب ، فهو بالغين المعجمة ۴ .
ثمّ إنّ هذه الآية متّصلة بالآية السابقة ، والمعنى أنّه تعالى لمّا حكى عن الكفّار عند الدعاء إلى ما أنزل اللّه والتدبّر فيه ، تركوا النظر ، وأصرّوا إلى التقليد ، وقالوا « نتّبع ما ألفينا عليه آباءَنا » ۵ ، ضرب لهم مثلاً للسامعين أنّهم إنّما وقعوا فيما وقعوا فيه بسبب ترك الإصغاء وقلّة الاهتمام بالدين ، فصاروا من هذا الوجه بمنزلة الأنعام ، فكان في هذا التمثيل نهاية الزجر والردع لمن سمعه عن أن يسلك مثل طريقهم في اختيار التقليد وترك الاهتمام وعدم تحصيل المعرفة والاستبصار .
لهذه الآية تفسيران :
أحدهما : تصحيح المعنى بإضمارٍ في اللفظ .
وثانيهما : إجراء الآية على ظاهرها من دون إضمار .
أمّا الأوّل فعلى وجوه : الأوّل : ـ وهو قول أخفش والزجّاج وابن قتيبة ـ كأنّه قال :

1.البقرة (۲) : ۱۷۰ .

2.البقرة (۲) : ۱۷۱ .

3.الصحاح ، ج۴ ، ص۱۵۵۹ (نعق) .

4.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۶۰ (نغق) .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
104

وهكذا يتمثّل ويتصوّر حقائق الأشياء وأرواحها يوم القيامة بصور تناسبها ، وتكون ۱ الروح في غطاء من الصور في عالم التلبيس وعالم الحسّ ، والآنَ « فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَـآءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ » ۲ فليتأمّل فيه .
وأمّا قوله : « لا يعقلها إلاّ العالمون » فالمراد منه أنّ تلك الأمثال المضروبة للناس لابدّ أن ينتفع بها العامّ والخاصّ ، فنصيبُ العامّيَّ منه من كلّ مَثَل أن يدرك ظاهره المحسوس، ويقف عليه ، وينتفع به ترغيباً وترهيباً لما فيه ضرب من المطابقة لأصله ، ونصيبُ الخاصّيَّ أن يدرك باطنه ، ويعبرَ من ظاهره إلى سرّه ، ومن محسوسه ۳ الجزئي إلى معقوله الكلّي، فأرباب القشور الظاهرة ـ وهم أكثر الناس ـ لا يدركون من تلك الأمثال إلاّ محسوساتها ، وأمّا أهل التمايز ۴ والعلوم ـ وهم الأقلّون كما سيجيء ـ فيدركون معقولاتها كلٌّ بحسب حاله ومقامه .

قال عليه السلام : « ما ألفينا عليه » ۵ . [ ص۱۴ ح۱۲ ]
أقول : أي وجدنا ؛ بدليل قوله تعالى في آية اُخرى : « بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا » ۶ وقوله : « وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ » ۷ إنّ اللّه تعالى أمرهم أن يتّبعوا ما أنزل اللّه تعالى من الحجج القاطعة والبراهين الباهرة فهم قالوا : ما نتّبع ذلك ، بل نتّبع آباءنا وأسلافنا ، فكانوا عارضوا الدلالة بالتقليد ، فوبّخهم اللّه بقوله : « أَوَ لَوْ كَانَ ءَابَآؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئا وَ لاَ يَهْتَدُونَ » ؟! ۸ فإنّ الواو في قوله : « أَوَلَوْ » واو العطف دخلت عليه همزة الاستفهام

1.في المخطوطة : «يكون» .

2.ق (۵۰): ۲۲ .

3.في المخطوطة : «محسوسة» .

4.الكلمة مشوشّة في المخطوطة .

5.البقرة (۲) : ۱۷۰ .

6.لقمان (۳۱) : ۲۱ .

7.يوسف (۱۲) : ۲۵ .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6665
صفحه از 476
پرینت  ارسال به