381
الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)

في شيء إلاّ من القادر على وجوه التصرّف فيه من هذه الجهة فنسبوا جميع القدر يكون من هذه الجهة إلى أنفسهم ، وعلى الثاني أنكروا قسماً آخر من قدرة اللّه تعالى في فعلهم فأنكروا قسماً آخر من تدبيره في فعلهم ، فنسبوا الفعل إلى أنفسهم من دون صحابة قدرتهم عليه ، فلزم وجود المقدور من دون قدرة العبد التي أعطاها اللّه لعدم بقاء العرض في آنين عندهم وتفصيله في محلّه .
قال عليه السلام : ولم يخلق السماوات . [ ص۱۵۵ ح۱ ]
أقول : نوع من اقتباس ما في قوله في سورة ص : « وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَـطِلاً ذَ لِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّــلِحَـتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِى الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ » ۱ .
قال عليه السلام : عبثا ذلك ظنّ . [ ص۱۵۵ ح۱ ]
أقول : هذا الحديث نقله نصير الحكماء في التجريد على ما قال أميرالمؤمنين عليه السلام في تقدير الصنع ، ونقله بتمامه الشارح الجديد للتجريد ثمّ قال : إنّ ما في هذا الحديث من معنى القضاء والقدر لا يوافق شيئاً من المعاصي المذكورة التي ذكرها ، فإيراده لتأييدها محلّ تأمّل . انتهى .
وهذا كماترى أنّه ذهب عليه أنّه نفسه قال : إنّ القضاء في قوله : « وَ قَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ » ۲ بمعنى الإلزام ۳ ، وإنّ قراءته عليه السلام هذه الآية بعد قوله «هو الأمر والحكم» قرينة دالّة على أنّ المراد منه الإلزام ، فكيف لا يؤيّد شيئاً من هذه الاُمور المذكورة التي ذكرها ، فقوله «إنّ القضاء والقدر» إن اُريد بهما خلق الفعل ، لزم المحال ، أو الإلزام صحّ في الواجب خاصّةً أو الإعلام صحّ مطلقاً ، ولم يعلم أنّ المراد بالإعلام والحكم ، وقد تصدّينا سابقاً لشرح كلامه طاب ثراه بوجه مُشْبِع .

1.ص (۳۸) : ۲۷ ـ ۲۸ .

2.الإسراء (۱۷) : ۲۳ .

3.راجع : كشف المراد ، ص۴۳۳ ؛ الإقتصاد ، ص۵۴ . وراجع : التوحيد ، ص۳۸۴ ، ضمن ح۳۲ .


الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
380

عليه واصطلاحاً نوع من الإقدار ، وهو إقدار اللّه تعالى العبد بحيث يخرج عن يده تعالى أزمّة المقدور ما دام الإقدار .
وللتفويض بهذا المعنى فردان هو القدر المشترك بينهما :
الأوّل : إقدار اللّه تعالى العبد على فعل بحيث لا يكون في مقدوره تعالى ما يقرّب إلى الفعل أو الترك ما لو فعله بالعبد ، لاختار غير ما اختاره من الفعل أو الترك ، فيلزمه أن يصدر عن العبد ما يختاره وإن شاء اللّه أن لا يصدر .
وهذا القول من المعتزلة ينافي ما عليه من وجوب اللطف عنه تعالى ، ويلزم من ذلك أنّ العبد إن اختار العصيان كان غالباً عليه تعالى ، والقول لهذا عصيان آخر فإنّه لو كان اللطف تحت مقدّرته مع وجوبه عليه وعندهم أنّ كلّ لطف ناجٍ يجب عليه فلم يتحقّق العصيان إلاّ لعدم قدرته على اللطف الناجع .
ويلزم من ذلك أيضاً أنّ العبد إن اختار الطاعة كان مطيعاً بإكراه بمعنى أنّه بحيث إن شاء اللّه تعالى ـ على فرض المحال ـ ترك الطاعة لم يقدر على صرفه عن اختياره الطاعة إلى اختياره تركها ؛ لعدم الفرق بين الإقدار على الطاعة والإقدار على المعصية ، لعلّ المراد من هذه الآية « إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِى ضَلَـلٍ وَ سُعُرٍ » ۱ إلى « إِنَّا كُلَّ شَىْ ءٍ خَلَقْنَـهُ بِقَدَرٍ » ۲ يشمل هؤلاء المفوّضة أيضاً كما يشمل الأشاعرة . وقس عليه انّه « يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَىْ ءٍ خَلَقْنَـهُ بِقَدَرٍ » ۳ .
الثاني : إقدار اللّه تعالى العبد في وقت على فعل في ثاني الوقت ، ولزم من ذلك استقلال العبد في القدرة من دون توقّف فعله على الإذن .
فإذا تمهّد هذا فنقول : إنّ المفوّضة على الأوّل أنكروا قسماً من قدرة اللّه على التصرّف في فعلهم فأنكروا قسماً من قدرة تدبيره وتقديره ؛ لأنّه لا يتأتى التدبير

1.القمر (۵۴) : ۴۷ .

2.القمر (۵۴) : ۴۹ .

3.القمر (۵۴) : ۴۸ ـ ۴۹ .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي( العاملي)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي؛ تحقیق: نعمة الله الجليلي؛ با همکاری: مسلم مهدي زاده
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6549
صفحه از 476
پرینت  ارسال به