في شيء إلاّ من القادر على وجوه التصرّف فيه من هذه الجهة فنسبوا جميع القدر يكون من هذه الجهة إلى أنفسهم ، وعلى الثاني أنكروا قسماً آخر من قدرة اللّه تعالى في فعلهم فأنكروا قسماً آخر من تدبيره في فعلهم ، فنسبوا الفعل إلى أنفسهم من دون صحابة قدرتهم عليه ، فلزم وجود المقدور من دون قدرة العبد التي أعطاها اللّه لعدم بقاء العرض في آنين عندهم وتفصيله في محلّه .
قال عليه السلام : ولم يخلق السماوات . [ ص۱۵۵ ح۱ ]
أقول : نوع من اقتباس ما في قوله في سورة ص : « وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَآءَ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَـطِلاً ذَ لِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّــلِحَـتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِى الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ » ۱ .
قال عليه السلام : عبثا ذلك ظنّ . [ ص۱۵۵ ح۱ ]
أقول : هذا الحديث نقله نصير الحكماء في التجريد على ما قال أميرالمؤمنين عليه السلام في تقدير الصنع ، ونقله بتمامه الشارح الجديد للتجريد ثمّ قال : إنّ ما في هذا الحديث من معنى القضاء والقدر لا يوافق شيئاً من المعاصي المذكورة التي ذكرها ، فإيراده لتأييدها محلّ تأمّل . انتهى .
وهذا كماترى أنّه ذهب عليه أنّه نفسه قال : إنّ القضاء في قوله : « وَ قَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ » ۲ بمعنى الإلزام ۳ ، وإنّ قراءته عليه السلام هذه الآية بعد قوله «هو الأمر والحكم» قرينة دالّة على أنّ المراد منه الإلزام ، فكيف لا يؤيّد شيئاً من هذه الاُمور المذكورة التي ذكرها ، فقوله «إنّ القضاء والقدر» إن اُريد بهما خلق الفعل ، لزم المحال ، أو الإلزام صحّ في الواجب خاصّةً أو الإعلام صحّ مطلقاً ، ولم يعلم أنّ المراد بالإعلام والحكم ، وقد تصدّينا سابقاً لشرح كلامه طاب ثراه بوجه مُشْبِع .