83
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
82

۰.والجاهلُ خَتورٌ، وإن شئتَ أن تُكْرَمَ فَلِنْ، وإن شئتَ أن تُهانَ فَاخْشُنْ، ومن كَرُمَ أصلُه لانَ قْلبُهُ،

وأنّه غير عالمٍ فَهِمٍ صادقٍ على اللّه يترك متابعته والأخذَ منه، ويسعى في طلب العالم فيطّلع عليه ويأخذ منه، فالجاهل باعتبار سوء حاله باعث بعيد لوصول المرء إلى الحكمة ، فهو شقيّ محروم يوصل معرفة حاله المرءَ إلى سعادة الحكمة . وهذا الكلام كالتفصيل والتأكيد لما سبقه .
ويحتمل أن يحمل البينيّة في الأُولى ۱ على التوسّط في الإيصال، وفي الثانية على كون الشيء حاجزا مانعا من الوصول، والجاهل شقيّ مانع من الوصول إلى الحكمة .
ولا يبعد أن يقال: المراد بنعمة العالم العالمُ نفسُه، والإضافة بيانيّة، أو يكون العالم بدلاً من قوله: «نعمة» فإنّ العالم من أشرف ما أنعم اللّه بوجوده على عباده.
وقد قيل في معنى هذه العبارة وجوه اُخَرُ بعيدة ۲ تركناها لمخافة الإطناب .
قوله: (واللّه وليّ من عرفه) ۳ أي العالم (وعدوّ من تكلّفه) أي تكلّف العرفان، والمراد به إراءة ما ليس له من المعرفة .
قوله: (والعاقل غفور والجاهل ختور) .
«الغفور» إمّا من غفره، بمعنى غطّى عليه، عفا عنه ، أو من غفر الأمر، يعني أصلحه. و«الختور» إمّا من الخَتْر بمعنى المكر والخديعة، أو من الخَتْر، بمعنى خَباثة ۴ النفس و فَسادها .
قوله: (ومن كرم أصله لان قلبه) .
لعلّ المراد بكرم الأصل كون النفس فاضلةً شريفة ذات ارتباط شديد و تَأَيُّدٍ بالنور، ومن كان كذلك لانَ قلبه الذي هو مبدأ الآثار العقلانيّة؛ لأنّ أوّل تعلّق النفس ومن خَشُنَ عنصرُه غَلُظَ كبدُه، ومن فَرَّطَ تَوَرَّطَ، ومن خافَ العاقبةَ تَثَبَّتَ عن التوغُّلِ فيما لا يَعلَمُ، ومن هَجَمَ على أمرٍ بغير عِلْم جَدَعَ أنفَ نفسه، ومَن لم يعلَمْ لم يفهَمْ، ومَن لم يفهَمْ لم يَسلَمْ، ومن لم يَسلَمْ لم يُكرَمْ ، ومَن لم يُكرَمْ يُهْضَمْ ، ومَن يُهْضَمْ كانَ ألْوَمْ ، ومن كانَ بالروح الحاصل في القلب، ۵ فلانَ عناصره التيينحلّ إليها بدنه باستمداد من الروح الذي يجيء إليها من القلب.
(ومن خشن عنصره غلظ كبده) أي ومن لم يكن كريمَ الأصل ـ وهو من خشن عنصره وخبث طينته ـ غلظ منه ما هو المناط في قوام البدن وقوّتِه، وهو الكبد، فيستولي القوى البدنيّة فيه على القوى العقلانيّة .
قوله: (ومن فرّط تورّط) أي من عجّل ولم يتفكّر في العواقب، بل عمل بمقتضى القوى الشهوانيّة والغضبيّة، وقع في الورطة، أي فيما يعسر الخروج منها .
(ومَن خاف العاقبة) وذلك بتفكّره في العواقب (تثبَّت عن التوغّل فيما لايعلم) أيالدخولِ فيه باستعجال، بل لا يدخل فيه إلاّ بعد معرفة حاله، والعلم بمآله، فلا يتّبع مَن لا يعلم حالَه .
(ومن هجم على أمر بغير علم) أي بذلك الأمرِ، واطّلاعٍ عليه ، كمن تصدّى لتعليم ما لا يعلمه وتقرير ما لا يدركه (جدع) ـ بالجيم والدال والعين المهملتين ـ أي قطع (أنف نفسه) يعني جعل نفسه ذليلاً غايةَ الذلّ ۶ .
قوله: (ومن لم يعلم لم يفهم) أي من لم يكن عالما بشيء لم يميّز بين الحقّ والباطل فيه.
(ومن لم يفهم) أي لم يميّز بين الحقّ والباطل فيما يرد عليه (لم يسلم) من ارتكاب الباطل، بل لم يسلم في شيء أصلاً . أمّا في ارتكاب الباطل فظاهر، وأمّا في ارتكابه الحقَّ ـ إن اتّفق ـ فلأنّ القول به بلا علم هلاكٌ وضلالةٌ .
(ومن لم يسلم لم يُكرم) ـ على البناء للمفعول ـ أي لم يُعزَّز ولم يُعمل معه

1. في «ت»: «الأوّل» .

2. في «خ»: + «هنا» .

3. في حاشية «خ» : اللّه وليّ من عرفه معرفةً أخذتْه من نفسه وسلبته صفات نفسه وكسبته صفات الإيمان والتخلّق بأخلاق اللّه حقيقةً، وعدوّ من تكلّف الاتّصاف بهذا العرفان وليس من أهله .

4. في «خ، ل، م»: «خيانة» .

5. في «خ»: «بالقلب» .

6. في «ل»: «التذلّل» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6098
صفحه از 672
پرینت  ارسال به