77
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.وما تَدْرِي لِمَ هذا؟» قلت : لا ، قال : «الذي تُكَلِّمُهُ ببعض كلامك فيعْرِفُه كُلَّه ، فذاك مَن عُجِنَتْ نطفتُهُ بعقله ؛ وأمّا الذي تُكَلِّمُهُ فيستوفي كلامَك ثمّ يُجِيبُك على كلامك ، فذاك الذي رُكِّبَ عقلُه فيه في بطن اُمّه ؛ وأمّا الذي تُكَلِّمُهُ بالكلام فيقولُ : أعِدْ عَلَيَّ ، فذاك الذي رُكّبَ عقلُه فيه بعدما كَبِرَ ، فهو يقول لك : أعِدْ عَلَيَّ» .

۲۸.عِدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن بعض من رَفَعَهَ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :«قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إذا رأيتم الرجلَ كثيرَ الصلاة ، كثيرَ الصيام ، فلا تُباهوا به حتّى

ثمّ شرع عليه السلام في بيان سبب الاختلاف، فقال: (الذي تكلّمه...) وهو أوّل من ذكره السائل (مَن عجنت نطفته بعقله) أي خلقت النفس المتعلّقة ببدنه المناسبة له على هيئة كمالية تناسب العقل، فيشتدّ ارتباطها به، ويقوى إشراقه عليها، و تتّصل به .
ثمّ قال عليه السلام : (وأمّا الذي تكلّمه فيستوفي كلامك، ثمّ يجيبك على كلامك) أي يكلّمك بكلام على طبق كلامك (فذلك الذي ركّب عقله فيه في بطن أُمّه) أي حصل لنفسه ذلك الارتباط، واستحكم فيه بالإشراق بعد التعلّق بالبدن بالقابلية الحاصلة لها باعتباره، منضمّة إلى ما لها ۱ في نفسها.
ثمّ قال: (وأمّا الذي تكلّمه بالكلام فيقول: أعد عليّ، فذاك ۲ مرضيّ عند العقل .

1. في «خ، ل»: «حالها» .

2. في «خ»: «فذلك» .الذي ركّب عقله فيه بعد ما كبر) أي استحكم فيه ذلك الارتباط بعد استعمال الحواسّ وحصول البديهيّات والمبادئ، فما للثالث يكون للثاني على الوجه الأتمّ مع زيادة، وما لهما يكون للأوّل على الوجه الأكمل مع زيادة. قوله: (لاتباهوا به) من المباهاة بمعنى المفاخرة، أي لا تفتخروا بكونه كثيرَ العبادة، ولا تعدّوه من المَفاخر. ويحتمل أن يكون من بَهَأَ به بهاءً، مهموز اللام، مخفّفُ «لا تُباهِئُوا» أي لا تؤانسوا به حتّى تنظروا كيف عقله؛ فإنّه لا فخر بما ليس معه عقل؛ فإنّ كلّ حُسن مستورٌ بقبح الجهل، مضمحلّ معه، ومؤانسة غير العاقل غير مرضيّ عند العقل .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
76

۰.ولا مالَ أعْودُ من العقلِ» .

۲۶.محمّد بن الحسن ، عن سَهْل بن زياد ، عن ابن أبي نجرانَ ، عن العلاء بن رزينٍ ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :«لمّا خلَقَ اللّه ُ العقلَ ، قال له : أقبِلْ ، فأقْبَلَ . ثمَّ قال له : أدبِرْ ، فأدْبَرَ ، فقال : وعزَّتي وجَلالي ما خلقتُ خَلْقا أحْسَنَ منك ، إيّاك آمُرُ ، و إيّاك أنْهى ، وإيّاك اُثيبُ ، وإيّاكَ اُعاقبُ» .

۲۷.عِدَّةٌ من أصحابنا، عن أحمدَ بن محمّد، عن الهَيْثم بن أبي مسروقٍ النهديِّ، عن الحسين بن خالد، عن إسحاق بن عمّار، قال:قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : «الرجلُ آتِيهِ واُكلِّمُهُ ببعض كلامي ، فيعرِفُهُ كلَّه ، ومنهم مَن آتِيهِ فاُكَلِّمُهُ بالكلام ، فيَسْتَوْفي كلامي كلَّه ، ثمّ يَرُدُّه عَلَيَّ كما كَلَّمْتُهُ ، ومنهم من آتِيهِ فاُكلِّمُهُ ، فيقول : أعِدْ عَلَيَّ ؟ فقال : «يا إسحاقُ ،

(ولا مال أعود) أي أنفع (من العقل) لأنّ المال كالآلة لمن يريد الخير والنافع في الوصول إليهما، والعقل هو الدليل الموصل إلى المنافع والمصالح، وبه معرفتها و اختيارها و اقتناؤها.
قوله: (وأُكلّمه ببعض كلامي) أي اُكلّمه ببعض كلامي الذي اُريد أن اُكلّمه بكلّه فيعرف كلّه: ما كلّمتُه به وما لم اُكلّمه به.
ثمّ ذكر القسمين الآخرين ۱ : أي الذي يفهم ما كلّمه به ويضبطه (ثمّ يردّه) أي الكلام عليه ويجيبه (كما كلّمه)، أي على وفق كلامه عند المباحثة، أو المراد ردّ كلامه عليه كما هو عند الإعلام والإفهام، والذي لا يفهم ما كلّمه به، أو يفهم ولا يضبطه. ومقصوده: إظهار خفاء سبب ۲ هذا الاختلاف بين الأفهام عليه والسّؤال عنه، فأتى عليه السلام أوّلاً بإظهار ما هو مقصوده بقوله: «وما تدري لم هذا» بالعاطف على كلامه، فصدّقه السائل بقوله: «لا» أي لا أدري لم هذا.
ويحتمل أن يكون قوله: «وما تدري» استفهاما، أي أو ما تدري؟ لكن لا يحسن الواو حينئذٍ، فإنّه لا وجه للعطف حينئذٍ ولاحسن للاستيناف .

1. في «خ»: «الأخيرين» .

2. في «ت»: - «سبب» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6272
صفحه از 672
پرینت  ارسال به