73
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.عليهم ، وإنّ اللّه َ بَعَثَ عيسى عليه السلام في وقتٍ قد ظهرَتْ فيه الزماناتُ ، واحتاجَ الناسُ إلى الطبّ ، فأتاهم من عنداللّه تعالى بما لم يكن عندهم مثلُه ، وبما أحيا لهم الموتى ، وأبرَأَ الأكمَهَ والأبرصَ بإذن اللّه تعالى ، وأثبَتَ به الحجّةَ عليهم . وإنّ اللّه تعالى بعث محمّدا صلى الله عليه و آله في وقتٍ كان الغالبُ على أهل عصره الخُطَبَ والكلامَ ـ وأظنُّه قال : الشعر ـ فأتاهم من عند اللّه تعالى من مواعظه وحِكَمِه ما أبطلَ به قولَهم ، وأثْبَتَ به الحجّةَ عليهم» .
قال : فقال ابنُ السكّيتِ : تاللّه ِ ما رأيْتُ مثلَكَ قطُّ ، فما الحجّةُ على الخلق اليومَ؟ قال : فقال عليه السلام : «العقلُ ، يَعرفُ به الصادقَ على اللّه فيُصدِّقُه ، والكاذبَ على اللّه فيُكذِّبُه» قال : فقال ابنُ السكّيتِ : هذا ـ واللّه ـ هو الجوابُ .

۲۱.الحسين بن محمّد ، عن مُعلّى بن محمّد ، عن الوشّاء عن المثنّى الحَنّاط ، عن قُتيبةَ الأعشى ، عن ابن أبي يعفور ، عن مَوْلًى لبني شيبان ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :«إذا

قوله: (فما الحجّة على الخلق اليوم؟) أي كان الحجّة على الخلق في صدق الرسل معجزاتِهم، فما الحجّة عليهم اليومَ في صدق من يجب اتّباعه وتفترض طاعته، حيث لا يعرف بالمعجزة الظاهرة؟ فقال عليه السلام : (العقل يعرف به الصادق على اللّه ...) فإنّه بعد نزول الكتاب وانضباط الآثار الثابتة عن النبيّ صلى الله عليه و آله يعرف بالعقل الصادق على اللّه عن الكاذب عليه؛ فإنّ الصادقَ على اللّه عالمٌ بالكتاب، راعٍ له، متمسّك بالسنّة، حافظ لها، والكاذبَ على اللّه تاركٌ للكتاب، غير عالم به، مخالف للسنّة بقوله وفعله.
قوله: (وضع اللّه يده على رؤوس العباد).
وضع اليد كنايةٌ عن إنزال الرحمة والتقوية بإكمال النعمة.
وقوله: (فجمع بها عقولهم) يحتمل وجهين:
أحدهما: أنّه يجعل عقولهم مجتمعين على الإقرار بالحقّ، فلا يقع بينهم اختلاف ويتّفقون على التصديق.
والآخر: أنّه يجمع عقل كلّ واحد منهم، ويكون جمعه باعتبار مطاوعة القوى النفسانية للعقل، فلا يتفرّق لتفرّقها .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
72

۰.وآلةِ السحرِ؟ وبعث عيسى بآلة الطبّ ؟ وبعث محمّدا ـ صلّى اللّه عليه وآله وعلى جميع الأنبياء ـ بالكلام والخُطَبِ؟
فقال أبو الحسن عليه السلام : «إنّ اللّه لمّا بَعَثَ موسى عليه السلام كان الغالبُ على أهلِ عصره السحرَ ، فأتاهم من عنداللّه بما لم يكنْ في وُسْعِهِم مثلُهُ ، وما أبْطَلَ به سحرَهم ، وأثْبَتَ به الحجّةَ

قوله: (وآلة السحر ...).
السحر ما لطف مأخذه ودقّ . والآلة ما يُعتَمل به من أداة. ويكون السحر بآلة دائما أو غالبا، فللآلة اختصاص به، بخلاف المعجزة، حيث لا حاجة فيها إلى الآلة، فباعتبار ذلك الاختصاص أضاف الآلة إلى السحر. وعطْفُ آلة السحر على العصا من ۱ عطف العامّ على الخاصّ .
وقوله عليه السلام : (وبعث عيسى عليه السلام بآلة الطبّ) .
إطلاق الآلة هنا إمّا بتبعيّة إطلاقها في السحر، أو باستعمالها فيما يترتّب عليه الفعل، أو يظهر به الصنعة مجازا .
قوله: (بالكلام والخطب) أي بالكلام المنتهي بلاغتُه حدَّ الاعجاز . والخطبة: الكلام المنثور المسجّع .
قوله: (كان الغالب على أهل عصره السحر).
الحاصل: أنّ الغالب على أهل العصر ممّا يستكمل ۲ وسعوا فيه واكتسبوه بلغوا الحدّ الذي يتأتّى منهم الإتيان بما أتى به .

1. في «م»: «من باب» .

2. في «ل»: «بما يستكمل» .صنعته ويبلغ حدّ كماله، فالغلبة فيه وفي شبهه أقوى وأتمّ في إثبات المقصود، حيث عرفوا نهاية المقدور لهم فيه، فإذا جاوزه حصل لهم العلم بأنّه ليس من فعل أشباههم وأمثالهم، بل من فعل خالق القوى والقُدَر، أو من فعل من أقدره عليه بإعطاء قدرة مخصوصة به له . وأمّا المتروك في العصر فربّما يتوهّم أنّهم لو تناولوه في «خ»: «لو تداولوه» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6284
صفحه از 672
پرینت  ارسال به