۰.أن يَهْدوه ، ولو أنَّ أهلَ السماوات وأهلَ الأرضين اجتمعوا على أن يُضِلّوا عبدا يُريدُ اللّه ُ هدايتَه ما استطاعوا أن يُضِلّوه ، كُفُّوا عن الناس ولا يقولُ أحدٌ : عمّي وأخي وابن عمّي وجاري ؛ فإنَّ اللّه إذا أرادَ بعبدٍ خيرا طَيَّبَ روحَه ، فلا يَسْمَعُ معروفا إلاّ عَرَفَه ، ولا مُنْكَرا إلاّ أنْكَرَه ، ثمَّ يَقذِفُ اللّه ُ في قلبه كلمةً يَجمَعُ بها أمرَه».
۲.عليُّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن حُمرانَ ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :قال : «إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ إذا أراد بعبدٍ خيرا نَكَتَ في قلبه نُكتةً من نورٍ ، وفَتَحَ مَسامِعَ قلبِه ، ووَكَّلَ به مَلَكا يُسَدِّدُه ، وإذا أرادَ بعبدٍ
الوقوع، فيطلب الحقَّ، ومن يدعوه إليه ويهديه إليه حينئذٍ فدعوته وهدايته وقعت موقعَها، ودخلت في أسبابها. ومن يريد إضلاله فلا أثر لصُنعه فيه، ومن خَبُثَ روحه فأسباب ضلالته صائرة إلى الوقوع، خصوصا في وقت غلبة الباطل على الحقّ فيجحد الحقَّ. ومن يريد هدايته ودعوته إلى الحقّ فإن لم يضرّه لم ينفعه، وإنّما يترتّب عليه الضرر لأهل الحقّ وزيادةُ العناد واللجاج لأهل الباطل، فابتداء الدعوة لغير الطالب المسترشد في تلك الأعصار محظور.
وأمّا في زمان استعلاء الحقّ وظهوره وغلبته على الباطل، فابتداء الدعوة لدفع الباطل وردّه وإعلاء الحقّ وتقريرِه حسنٌ ، وإن لم يؤثّر في الخبيث الشقيّ أثرا يترتّب عليه النجاة و هو الإيمان المستقرّ؛ لما فيه من الحكمة ، وخُلوِّه عن المفسدة.
وقوله: (ثمّ يقذف اللّه في قلبه كلمة يجمع بها أمره) أي يلقي اللّه في قلبه اعتقادا حقّا يرشد بها إلى جميع العقائد التي بها صلاح أمره ونجاتُه عن الهلاك. ولعلّها كناية عن الأمر الذي عليه الفرقة الشريفة.
قوله: (نكت في قلبه نكتة من نورٍ) أي أدخل في قلبه وأحدث فيه أثرا من نور (وفتح مسامع قلبه) وجعلها مفتوحةً تسع المعارفَ (ووكّل به ملكا يسدّده) ويعرّفها إيّاه، ويحفظه عن الزيغ.