519
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.أن يَهْدوه ، ولو أنَّ أهلَ السماوات وأهلَ الأرضين اجتمعوا على أن يُضِلّوا عبدا يُريدُ اللّه ُ هدايتَه ما استطاعوا أن يُضِلّوه ، كُفُّوا عن الناس ولا يقولُ أحدٌ : عمّي وأخي وابن عمّي وجاري ؛ فإنَّ اللّه إذا أرادَ بعبدٍ خيرا طَيَّبَ روحَه ، فلا يَسْمَعُ معروفا إلاّ عَرَفَه ، ولا مُنْكَرا إلاّ أنْكَرَه ، ثمَّ يَقذِفُ اللّه ُ في قلبه كلمةً يَجمَعُ بها أمرَه».

۲.عليُّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن حُمرانَ ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :قال : «إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ إذا أراد بعبدٍ خيرا نَكَتَ في قلبه نُكتةً من نورٍ ، وفَتَحَ مَسامِعَ قلبِه ، ووَكَّلَ به مَلَكا يُسَدِّدُه ، وإذا أرادَ بعبدٍ

الوقوع، فيطلب الحقَّ، ومن يدعوه إليه ويهديه إليه حينئذٍ فدعوته وهدايته وقعت موقعَها، ودخلت في أسبابها. ومن يريد إضلاله فلا أثر لصُنعه فيه، ومن خَبُثَ روحه فأسباب ضلالته صائرة إلى الوقوع، خصوصا في وقت غلبة الباطل على الحقّ فيجحد الحقَّ. ومن يريد هدايته ودعوته إلى الحقّ فإن لم يضرّه لم ينفعه، وإنّما يترتّب عليه الضرر لأهل الحقّ وزيادةُ العناد واللجاج لأهل الباطل، فابتداء الدعوة لغير الطالب المسترشد في تلك الأعصار محظور.
وأمّا في زمان استعلاء الحقّ وظهوره وغلبته على الباطل، فابتداء الدعوة لدفع الباطل وردّه وإعلاء الحقّ وتقريرِه حسنٌ ، وإن لم يؤثّر في الخبيث الشقيّ أثرا يترتّب عليه النجاة و هو الإيمان المستقرّ؛ لما فيه من الحكمة ، وخُلوِّه عن المفسدة.
وقوله: (ثمّ يقذف اللّه في قلبه كلمة يجمع بها أمره) أي يلقي اللّه في قلبه اعتقادا حقّا يرشد بها إلى جميع العقائد التي بها صلاح أمره ونجاتُه عن الهلاك. ولعلّها كناية عن الأمر الذي عليه الفرقة الشريفة.
قوله: (نكت في قلبه نكتة من نورٍ) أي أدخل في قلبه وأحدث فيه أثرا من نور (وفتح مسامع قلبه) وجعلها مفتوحةً تسع المعارفَ (ووكّل به ملكا يسدّده) ويعرّفها إيّاه، ويحفظه عن الزيغ.


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
518

باب الهداية أنّها من اللّه عزّ وجلّ

۱.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السرّاج ، عن ابن مُسكانَ ، عن ثابتٍ أبي سعيد ، قال :قال أبو عبد اللّه عليه السلام : «يا ثابت ، ما لكم وللناسِ ، كُفُّوا عن الناس ولا تَدْعُوا أحدا إلى أمْرِكم ، فواللّه لو أنّ أهلَ السماوات وأهلَ الأرضين اجْتَمَعُوا على أن يَهْدُوا عبدا يُريدُ اللّه ُ ضلالتَه ما استطاعوا على

باب الهداية أنّها من اللّه عزّ وجلّ
الظاهر أنّ ما في هذا الباب من نفي التعرّض للناس والكفِّ عن دعوتهم إلى الأمر الذي عليه الفرقة الناجية لمكان التقيّة ، ودفع الضرر العائد من دعوتهم إلى هذه الفرقة، مع ظنّ عدم تأثير هذه الدعوة فيهم، بل المظنون كونُها من أسباب رسوخهم في الضلال خصوصا ممّن لا يستمعون لكلامه، ولا يقدر هو أن يقول بما هو حقّ المقال.
قوله: (فواللّه لو أنّ أهل السماوات والأرضين ۱
المقصود منه الاستدلال على وجوب الكفّ عن دعوة الناس إلى هذا الأمر.
وتقريره: أنّ من العباد مَن يريد اللّه ضلالتَه بإرادة وقوعها بأسبابها المؤدّية إليها إذا وقعت، وفي علمه سبحانه وقوع تلك الأسباب، فتلك الإرادة تكون إرادةً للضلالة، ومتعلّقةً بها تعلّقا مّا، ومَن يكون كذلك ما استطاع أهل السماوات والأرضين على أن يهدوه؛ لأنّ أسباب ضلالته الموجبةَ لها صائرةٌ إلى الوقوع ومؤدّيةٌ إلى وقوعها بالاختيار، بلا مدخليّة من تلك الدعوة وجودا وعدما.
ومنهم من يريد اللّه هدايته بإرادة وقوعها حسب وقوع أسبابها المؤدّية إليها إذا وقعت وهو يعلم وقوعها، فهي متعلّقة بالهداية تعلّقا مّا، ومَن يكون كذلك ما استطاعوا أن يضلّوه لكون أسباب هدايته صائرةً إلى الوقوع ومؤدّيةً إليها بالاختيار، بلا مدخليّة لإضلالهم وجودا وعدما، فمن طيّب روحه فأسباب هدايته صائرة إلى

1. في الكافي المطبوع: «وأهل الأرضين».اجتمعوا).

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5777
صفحه از 672
پرینت  ارسال به