471
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.وجَرَتِ الأنهارُ ، وبِنا يَنْزِلُ غيثُ السماء ، ويَنْبُتُ عُشْبُ الأرض ، وبعبادتنا عُبِدَ اللّه ُ ، ولولا نحنُ ما عُبِدَ اللّه ُ» .

۶.محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع ، عن عَمِّه حمزةَ بن بزيع ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قول اللّه عزّ وجلّ : « فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ » فقال : «إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ لا يَأسَفُ كأسَفِنا ، ولكنّه خَلَقَ أولياءَ لنفسه يأسَفونَ ويَرْضَوْنَ وهم مَخلوقون مَربوبونَ ، فجعَل رضاهم رضا نفسِه وسَخَطَهم سخطَ نفسِه ؛ لأنّه جعَلهم الدعاةَ إليه والأدلاّء عليه ، فلذلك صاروا كذلك ، وليس أنَّ ذلك يصل إلى اللّه ما يَصِلُ إلى خلقه ، لكن هذا معنى ما قالَ من ذلك ، وقد قال : «من أهانَ لي وليّا فقد بارَزَني بالمحاربة ودَعاني

وقوله: (وبعبادتنا عبد اللّه ) أي بمعرفتنا وعبادتنا التي بها نعرفه ونعبده ونهدي عباده إليها ونعلّمها إيّاهم عُبِدَ اللّه ، لا بغيرها ممّا يسمّيها العامّة معرفةً وعبادةً، وهذه المعرفة والعبادة إنّما تكون لمن انتجبه اللّه واختاره لحملها، وأفاضها عليه، وأمر عباده بالأخذ منهم والمراجعة إليهم فيها؛ لئلاّ يضلّوا بإغواء الشياطين (ولولا نحن) والحملةُ لعلمه والمنتجبون لمعرفته (ما عُبد اللّه ) حقَّ عبادته ومعرفته.
قوله: (إنّ اللّه تعالى ۱ لا يأسف كأسفنا).
قد مرّ مرارا أنّه سبحانه لا يتّصف بصفات المخلوق، وهو متعالٍ عن أن يكون له كيفيّة، فإطلاق الأسف فيه سبحانه إمّا تجوّز باستعماله في صدور الفعل الذي يترتّب فينا مثله على الأسف، وإمّا مجاز في الإسناد، أو من مجاز الحذف كما حمله عليه السلام في هذا الحديث واستشهد عليه بأمثاله في كلامه ۲ سبحانه.
ثمّ استدلّ على استحالة الحزن والضجر عليه سبحانه كسائر الكيفيّات بأنّ الاتّصاف بالممكن المخلوق مستلزم للإمكان كما لَوّحنا إليه سابقا، وكلُّ ما هو ممكن في عرضة الهلاك، ولا يؤمَن عليه الانقطاع والزوال.

1. في الكافي المطبوع: «عزّ وجلّ».

2. في «خ، ل، م»: «من».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
470

۰.ولسانَه الناطقَ في خَلْقه ، ويَدَه المبسوطةَ على عباده بالرأفة والرحمة ، ووَجْهَه الذي يُؤْتى منه ، وبابَه الذي يَدُلُّ عليه ، وخُزَّانَه في سمائه وأرضه ، بنا أثمَرَتِ الأشجارُ وأيْنَعَتِ الثِّمارُ ،

النفسانيّة، وقوّانا بالقوى الداعية إلى الخير والصلاح العاملة بفضائل الأعمال المؤدّية إلى الفلاح (وجعلنا عينه) الناظر بها إلى عباده نظرَ الرحمة، فإنّه بوساطتهم أو بسببهم ينالهم الرحمة (ولسانه) الذي يبيّن به الحقَّ، ويظهره على عباده، فإنّه بوساطتهم يظهر الحقَّ والصلاح على العباد، ويمتاز عن الضلال والفَساد.
(ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة) التي بها يظهر ۱ فلولا هم عليهم السلام والهداية بهم لَما خُلقوا، ولولا خَلَقهم لَما خَلَق ما سواهم، ولا أعطى لكلّ خلق منها كمالَه. ويحتمل أن يكون إثمار الأشجار، وإيناع الأثمار، وجَرْي الأنهار، ونزولُ غيث السماء، ونبت عشب الأرض كنايةً عن ظهور الكمالات النفسانيّة والجسمانيّة، ووصولها إلى غايتها المطلوبة، وظهور العلوم الواصلة من المعلّم إلى المتعلّمين، وفَيَضان العلوم من مبادئها إلى منتهى سلسلة البدو، واستكماله بما ينجرّ به إلى العود.

1. في «ل»: «تظهر».آثار الرأفة والرحمة منه فيهم (ووجهه الذي يؤتى منه) فمن لم يأته من ذلك الوجه لا يصل إليه، ولا يعرفه حقَّ معرفته، ولا يعبده حقَّ عبادته (وبابه الذي يدلّ عليه) ومن لم يأته منه لم يعرفه ولم يدخل في منزل المعرفة والعبوديّة (وخزّانه في سمائه وأرضه) حيث عندهم مفاتيح الخير من العلوم والأسماء التي بها ينفتح أبواب الجود على العالمين. وقوله: (بنا أثمرت الأشجار وأينعت الثمار) أي بنا يصل كلّ مخلوق إلى كماله؛ فإنّ كمالاتِ الإنسان ـ التي هي المعرفة والعبوديّة ـ وكمالات كمالاته ـ التي هي كون المعرفة والعبوديّة كما ينبغي وعلى ما هي مطلوبةٌ من العباد ـ إنّما تحصل وتتمّ بهدايتهم وطاعتهم، وقال عَزَّ من قائل: « وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الاْءِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ » الذاريات (۵۱): ۵۶.

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6140
صفحه از 672
پرینت  ارسال به