463
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.علامات التدبير ، الذي سُئلَتِ الأنبياءُ عنه فلم تَصِفْه بحدٍّ ولا ببعضٍ ، بل وَصَفَتْهُ بفِعالِه ، ودَلَّتْ عليه بآياته ، لا تَستطيعُ عقولُ المتفكّرين جَحْدَه ، لأنَّ من كانت السماواتُ والأرضُ فِطرَتَه وما فيهنّ وما بينهنّ ، وهو الصانع لهنَّ ، فلا مَدْفَعَ لقدرته ، الذي نَأى من الخلق ، فلا شيء كمثله ، الذي خَلَقَ خلقَه لعبادته ، وأقْدَرَهم على طاعته بما جَعَلَ فيهم وقَطَعَ عُذْرَهم

وعن قول المقول في جواب «ماهو» ولا يوصف بالمكان والموضع، وأنّ له مكانا وموضعا لما ذكر (الذي بطن من خفيّات الاُمور) فخفيّات الاُمور عن المدارك أظهرُ منه، وهي عاجزة عن دركها فضلاً عن دركه. وظهر في المدرك العقلي بما يُرى في خلقه من علامات تدبيره، فينتقل منها إلى وجوده وصفاته الكماليّة وأسمائه وتوحيده، فهو بحقيقته الأحديّة لا يناله مدرك حسّي ولا عقليّ، ومن حيث العلم بوجوده ومعرفته بصفات كماله وتوحيده ظاهرٌ عند العقل من علامات تدبيره (الذي سُئِلَت الأنبياء عنه فلم تصفه) الأنبياء (بحدٍّ ولا بنغض).
و «النغض» ـ بالنون والغين والضاد المعجمتين ـ : الحركةُ، فإنّه سبحانه لا يتحدّد بحدّ، ولا ينتقل من حال إلى حال، فلا يصحّ وصفه بشيء منها، إنّما يوصف بفعاله ويُدَلّ عليه بآياته الدالّة على وجوده وتوحيده الذي لا يستطيع عقول المتفكّرين جَحْدَه؛ لأنّ العقول المتفكّرة مفطورة على العلم بمقدّمات فطريّةٍ كافية عند الاطّلاع على آياته من خلقه والتدبّرِ فيها للانتقال إلى وجود الصانع المبدع الأزلي الأبدي العالم القادر المدبّر السرمدي المبدأ الواحد الصمد الأحديّ، وآياتُه ظاهرة باهرة غير خافية على عقل من العقول، وكيف يخفى ومن آياته خلق السماوات والأرض وما فيهنّ وما بينهنّ، والمتفكّر فيها من العقول لا مدفع لعلمه بوجود الصانع القادر العليم والملك العزيز الحكيم (الذي نأى من الخلق) ولم يقاربهم في شيء (فلا شيء كمثله، الذي خلق خلقه لعبادته) أي معرفته والذُلِّ والانقيادِ له (وأقدرهم) وأعطاهم القدرة (على طاعته بما جعل فيهم) من القوّة والاستطاعة (وقطع عذرهم) من غفلتهم ودواعي الفَساد والطغيان من غضبهم وشهوتهم مقترنةً بوساوس الشيطان


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
462

۰.يولَدْ فيكونَ موروثا هالكا ، ولم تَقَعْ عليه الأوهامُ فتُقَدِّرَهُ شَبَحا ماثلاً ، ولم تُدْرِكْه الأبصارُ فيكونَ بعد انتقالها حائلاً ، الذي ليست في أوَّليّته نِهايةٌ ، ولا لآخِرِيّتِه حَدٌّ ولا غايةٌ ، الذي لم يَسبِقْه وقتٌ ، ولم يتقدَّمْه زمانٌ ، ولا يَتعاوَرُهُ زيادةٌ ولا نقصانٌ ، ولا يوصَفُ بأينٍ ولا بِمَ ولا مكانٍ ، الذي بَطَنَ من خَفيّات الاُمور ، وظهر في العقول بما يُرى في خلقه من

وقوله: (الذي لم يلد فيكونَ في العزّ مشاركا) لولده؛ لمشاركة الولد لوالده في عزّه (ولم يولد فيكونَ موروثا هالكا) لهلاك كلّ حادث، وحدوثِ كلّ مولود (ولم يقع ۱ عليه الأوهام) والقوى الباطنة الدرّاكة، ولا يحاط بإدراكهاكما لوّح إليه مرارا (فتقدّره) وتدركه (شبحا مثاليا ۲ ) متقدّرا بالحدود الإمكانيّة (ولم تدركه الأبصار) والعيون (فيكون بعد انتقاله ۳ ) تعالى عن ذلك، عن مقابلتها وما في حكمها (خائلاً ۴ ) أي ذا خيال وصورةٍ متمثّلة في المدرك.
قوله: (الذي ليست في أوّليّته نهاية) أي ليست أوّليّته منتهيةً إلى حدّ ومرتبة لا يكون قبل ذلك الحدّ؛ فإنّ كلّ حدّ ومرتبة بما فيه مسبوق به، وهو الأوّل بالنسبة إليه (ولا لآخريّته حدّ ولا نهاية ۵ ) فإنّ كلّ حدّ ونهاية منتهية إليه سبحانه وهو الدائم الباقي بعده (الذي لم يسبقه وقت) وجزء من الدهر والأوان (ولم يتقدّمه) قطعة من (الزمان) لتعاليه سبحانه عن الزمانيّة وضمّ الدهور والأحيان، وتقدُّسِه عن تحدّد وجوده بالمقدار، فلا يتحدّد ولا يتقدّر بالمقدار غير القارّ ، كما لا يتحدّد بالقارّ من المقدار (ولا يتعاوره زيادة ولا نقصان) لتعاليه عن التقدّر بالمقدار القارّ الذي من لوازم الجسميّة (ولا يوصف بأين ولا بِمَ) لأنّ الأين إنّما يكون للجسمانيّات و «ما» إنّما يكون فيما يصحّ له المقول ۶ في جواب «ماهو» سَعَةً واختيارا أو ضرورةً واضطرارا، والإنّيّة المحضة المجرّدة عن المهيّة ولواحقها متعاليةٌ عن المادّيّة

1. في «خ» والكافي المطبوع: «لم تقع».

2. في الكافي المطبوع: «ماثلاً».

3. في الكافي المطبوع: «انتقالها».

4. في الكافي المطبوع: «حائلاً».

5. في الكافي المطبوع: «لا غاية».

6. في «خ»: «القول».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6019
صفحه از 672
پرینت  ارسال به