461
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

قوله: (الحمد للّه الذي لا يموت).
الموت هو الهلاك والفناء الذي يبطل معه الحركة والتحريك والإدراك الإحساسي والفعلُ، سواء كان ببطلان حقيقة الحيّ وفنائها بالذات ـ كما في موت الحيوانات التي نفوسها جسمانيّة مادّيّة بذاتها ـ أو ببطلان الآلات التي بها تفعل النفس وتُحِسّ وتتحرّك الحركات النفسانيَّةَ وتحرّكَ الأعضاءَ، لا ببطلان حقيقة النفس كما في موت الإنسان، وهو سبحانه قديم أزلي واجب الوجود بذاته، لا يجوز عليه الهلاك والفناء لا ببطلان الحقيقة ـ وهو ظاهر ـ ولا ببطلان الآلة، حيث لا يجوز عليه الافتقار إلى الآلة في فعله، كيف؟ ووجود ما يُفرض آلةً إنّما يكون بفعله والصدورِ عنه، واستواءُ نسبته إلى كلّ شيء قدرةً وعلما يشهد بعدم الافتقار إلى الآلة رأسا. وأمّا افتقار بعض الأشياء في الوجود إلى بعض عقلاً أو عادة، فليس من افتقاره سبحانه إلى آلة يفعل بها في شيء أصلاً، فهو سبحانه لا يجوز عليه الموت أصلاً، ولا ينقطع فعله انقطاعَ فعلِ الأحياء من الممكنات بموتهم.
(ولا ينقضي عجائبه) أي لا ينقطع أفعاله العجيبة، والعجيبُ من الأفعال ما لم يعتدّ مثله وشبهه (لأنّه كلّ يوم ۱ في شأن) وأمر لم يكن قبله فيه؛ فإنّ كلّ يوم وكلَّ قطعة من الزمان من فعله العجيب الذي لم يسبقه، ولا يمكن وجوده سابقا أو لاحقا، وكذا ما هو من معدّاته وأسبابه من حيث خصوصه، ففي كلّ يوم إحداث بديع لم يكن.

1. في «ل»: + «هو».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
460

۰.قال عَلامَ؟ فقد جَهِلَه ، ومن قال : أين؟ فقد أخلى منه ، ومن قال ما هو؟ فقد نَعَتَه ، ومن قال : إلى مَ؟ فقد غاياه ، عالمٌ إذ لا معلومَ ، وخالقٌ إذ لا مخلوقَ ، وربٌّ إذ لا مربوبَ ، وكذلك يوصَفُ ربُّنا وفوقَ ما يَصِفُه الواصفونَ» .

۷.عدَّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن أحمدَ بن النضر وغيره ، عمّن ذكَره ، عن عَمْرِو بن ثابت ، عن رجل سمّاه ، عن أبي إسحاقَ السبيعيّ ، عن ونعتٍ، ولا يتحدّد بحدّ، ولا ينتهي بنهاية، عُلم أنّه لا يصحّ أن يقال في حقّه تعالى:«كيف»، ولا أنّه «فيما» ولا «على ما» ولا «أين» ولا «ماهو».
(فمن قال: كيف ؟ فقد استوصفه) ووصفه بصفة (ومن قال: فيما؟ فقد ضمّنه) وجعله مضمَّنا محاطا بشيء (ومن قال: على ما؟ فقد حمله) ۱ وجعله محمولاً ينتهي إلى ما يحمله (ومن قال: أين؟ فقد أخلى منه) حيث جعله مخصوصا بأينٍ خاصٍّ مُنتهٍ إلى حدّ أينه (ومن قال: ما هو ؟ فقد نعته) بما يقع في جواب «ماهو» (ومن قال: إلى ما؟ فقد غاياه) وجعله منتهى إلى ما هو ينتهي إليه.
وقوله: (عالم إذ لا معلوم) إشارة إلى أنّ إطلاق الصفات عليه سبحانه ليس كإطلاقه في عباده ؛ فإنّ العلم فينا لا ينفكّ عن المعلوم، وهو عالم إذ لا معلوم، وكذا الخالق والربّ فيه سبحانه؛ فإنّهما يطلقان فيه سبحانه على الإطلاق من غير إضافة إلى شيء، وخالقيّته وربوبيّته لا تقتضي مضافا إليه يعيّنه ويحدّده، بخلاف إطلاق الخالق والربّ في المخلوق، فلا يقال لمخلوق: خالقٌ أو ربٌّ على الإطلاق. وأمّا باعتبار معانيها الإضافيّة ـ كما في المخلوق ـ وإن كان يصحّ استعماله في حقّه تعالى لكن لا تعدّ في الأسماء أو الصفات (وكذلك يوصَف ربّنا) بباقي صفاته (و) يوصف (فوق ما يصفه الواصفون) في وصفهم بما يدركون ويحيطون به من الصفات.
الحارث الأعور ، قال: خطب أميرُ المؤمنين عليه السلام خُطبةً بعد العصر ، فعَجِبَ الناسُ من حُسْنِ صِفَتِه وما ذكَره من تعظيمِ اللّه ِ جَلَّ جلاله . قال أبو إسحاقَ : فقلتُ للحارث : أوَما حَفِظْتَها؟ قال : قد كتبتُها ، فأملاها علينا من كتابه : «الحمدُ للّه الذي لا يموتُ ولا تَنقضي عجائبُه ، لأنّه كلَّ يومٍ في شأنٍ من إحداثِ بديع لم يكن ، الذي لم يَلِدْ فيكونَ في العزِّ مُشارَكا ، ولم

1. في الكافي المطبوع: «جهله».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6111
صفحه از 672
پرینت  ارسال به