۰.أزَلُهُ نُهْيَةٌ لِمَجاوِلِ الأفكارِ ، ودوامُه رَدْعٌ لطامحات العقولِ ، قد حَسَرَ كُنهُهُ نوافذَ الأبصارِ ، وقَمَعَ وجودُه جوائلَ الأوهامِ ، فمن وَصَفَ اللّه َ فقد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّه فقد عَدَّه ،
(أزله) وقدمه (نهي لمحاول ۱ الأفكار) أي لحواذقها الجيّدة الكثيرة التصرّف.
(ودوامه) وسرمديته (ردع لطامحات العقول) المشرفة بإبصارها على ما يبعد عن ساحة الحضور، وذلك لأ نّه سبحانه أجلُّ من إحاطة العقول بذاته وصفاته؛ لعجزها عن الإحاطة بما لا يدخل تحت الإمكان، والأزلي الدائمُ الموجودُ بذاته ـ الذي لا يحوم حومَ جلاله وقدسه المنسوباتُ إلى قصور الإمكان ومعالم النقصان ـ متعالٍ عن الدخول تحت إحاطة الأوهام والأذهان.
(قد حَسَر كنهُه نوافذَ الأبصار) ۲ ونواقدَها، وكشفَها عن لباس الرويّة والإدراك، وجعلها منقطعةً عن الوصول إلى ما يقرب من سرادق الجبروت، فهي منقطعة عن الوصول إلى إدراك كنهه سبحانه، منكشفةً عن أن تدركه بكنهه وحقيقته.
(وقمع) وقهر وذلّل (وجودُه جوائل الأوهام) التي تجول وتطوف بدقائق الأشياء، وتُسرع في الوصول إلى بدائعها، فهي مقهورة متذلّلة لوجوده وإنّيّته سبحانه، لا تحوم حولَ التوجّه إلى معرفة إنّيّته.
(فمن وصف اللّه ) بإدراك عقله ووهمه فقد جعله محدودا في ذاته بمهيّته مغايرة للإنّيّة، أو بصفة زائدة معلولة.
1. كذا في النسخ وفي «ج»: «لمجال» وفي الكافي المطبوع: «نهية لمجاول». وفي حاشية «ت، م»: في كثير من النسخ «أزله نُهيَة» بضمّ النون وفتح الياء المثنّاة من تحتٍ بعد الهاء. والنُهية اسم بمعنى النهي، ومجاول ـ بالجيم ـ جمع المصدر الميمي بمعنى الفاعل. وفي بعض النسخ «محاول» بالحاء غير المعجمة، ومعناه جودة النظر. والمعنى لا يختلف، لكن قوله: «وقمع وجوده جوائل الأوهام» يقوّي كون «مجاول» بالجيم كما في أكثر النسخ؛ لنظر إحدى القرينتين إلى الاُخرى (منه حفظه اللّه تعالى).
2. كذا في النسخ والكافي المطبوع، ولكن في حاشية «ت، م»: في بعض النسخ: «نوافذ الأبصار» مكان «نواقد الأبصار». وهذه القرينة ناظرة إلى القرينة التي قبلها وهي: «دوامه ردع لطامحات العقول» كما أنّ ما بعده من قوله: «وقمع وجوده جوائل الأوهام» ناظرٌ إلى قوله: «وأزله نهي لمحاول الأفكار» والناظران كالمبيّن والمؤكّد للمنظور إليهما (منه).