455
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.ومن الأبصارِ رُؤْيَتُهُ ، ومن الأوهامِ الإحاطةُ به ، لا أمَدَ لكونه ، ولا غايةَ لبقائه ، لا تَشمُلُهُ المشاعرُ ، ولا تَحجُبُه الحُجُبُ ، والحجابُ بينَه وبينَ خَلْقِه خَلْقُه إيّاهم ، لامتناعه ممّا يُمكِنُ في ذواتهم ، ولإمكانٍ ممّا يَمتَنِعُ منه ، ولافتراقِ الصانع من المصنوع ، والحادِّ من المحدود ،

كيفيّات، أو اشتراك حقيقة عليه سبحانه.
(المستشهد بآياته) الدالّة بأفعالها المختلفة وحركاتها لا على جهة واحدة على استنادها إلى غير طبيعة المتحرّك وباشتمالها على حِكَم ومصالحَ على استنادها بفاعل يفعلها بالاختيار والشعور.
(الممتنعة من الصفات ذاته) لوجوبه الذاتي وأزليّته المستلزمة لصمديّته المانعة من الاتّصاف والاستكمال بغيره.
(ومن الأبصار) والعيون (رؤيته) وانكشافه التامّ، لتعاليه سبحانه عن الصورة والمثال المنطبع في القوى الحسّيّة (ومن الأوهام الإحاطةُ) العلميّة (به) لتقدّسه عن التحدّد بحدود متوهَّمة مدرَكة بالقوى الباطنة أو عن التحدّد مطلقا.
(لا أمد لكونه) أي ليس لوجوده ابتداء ينتهي إليه وجوده من أوّله؛ لأنّه أزليّ لا أوّل له.
(ولا غاية لبقائه) أي ليس لاستمرار وجوده نهاية ينتهي إليه في آخره؛ لأنّه أبديّ لا نهاية له.
(لا تشمله المشاعر) لقصورها عن نيله ينتهي إليه في آخره؛ لأنّه أبديّ لا نهاية له.
(ولا يحجبه الحجب) ولا حجاب يحجبه عمّا يصحّ له إدراكه، إنّما الحجاب بينه وبين خلقه كونُه خالقا بريئا عن الإمكان، وكونُهم مخلوقةً ممكنة قاصرة عن نيل البريء بذاته وصفاته عن الإمكان، فالحجاب بينه وبين خلقه قصورُهم وكمالُه، وهذا هو المراد بقوله: (لامتناعه ممّا يمكن في ذواتهم، ولإمكانٍ ممّا يمتنع منه) ۱

1. في «ل»: «عنه».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
454

۵.عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد ، عن شَباب الصيرفيّ ـ واسمُه محمّد بن الوليد ـ عن عليّ بن سيف بن عَمِيرةَ ، قال :حَدَّثني إسماعيلُ بن قُتَيْبَةَ ، قال : دخلتُ أنا وعيسى شَلَقانُ على أبي عبد اللّه عليه السلام ، فَابتَدَأنا ، فقال : «عجبا لأقوام يَدَّعُونَ على أميرِ المؤمنين عليه السلام ما لم يَتكَلَّمْ به قَطُّ ، خَطَبَ أميرُ المؤمنين عليه السلام الناسَ بالكوفة ، فقال : الحمد للّه المُلْهِمِ عبادَه حمدَه ، وفاطِرِهم على معرفة ربوبيّته ، الدالِّ على وجوده بخَلْقه ، وبحدوثِ خَلْقه على أزلِه ، وباشتباههم على أن لا شِبْهَ له ، المستشهدِ بآياته على قدرته ، الممتنعةِ من الصفات ذاتُه ،

لا معلوم) لعلمه بالأشياء لذاته لا لحضورها بوجوداتها العينيّة، وسميعا عالما بالمسموعات شهيدا لها بذاته وإن لم يحضر المسموع بوجوده العيني.
وقوله: (عجبا لأقوام يدّعون على أمير المؤمنين عليه السلام ) أي يدّعون افتراءً على أمير المؤمنين عليه السلام من المذاهب والآراء الباطلة في التوحيد (ما لم يقل به قطّ).
قوله: (الحمد للّه الملهم عباده حمده) أي حمدهم له سبحانه والثناءَ عليه بما يليق بجبروته، ووصْفَه بما يصحّ وصفُه به وإن لم يدرك حقيقة صفته إنّما هو بإلهام منه سبحانه أن يحمدوه به، وهذا نعمة منه سبحانه يوجب الحمد، فله الحمد عليه، وكذا فطرتهم التي فطرهم عليها بإقدارهم على المعرفة؛ واطّلاعهم عليها بالعلم بالمقدّمات الدالّة عليه بالفعل، أو بالقوّة القريبة منه، وهو الذي دلّهم على وجوده بخلقه، فوجود خلقه دالّ على وجود المبدأ الفاعل للخلق؛ لإمكان الخلق واحتياجهم إلى الفاعل الموجود المؤثّر فيهم.
وعلى أزله وقِدَمه بحدوث خلقه ومسبوقيّة جملتهم بالمبدأ كمسبوقيّة كلّ واحد؛ فإنّ حكم الجملة وكلِّ واحد في المسبوقيّة بالمبدأ الفاعلي الخارج منه واحد لا يختلف، فيجب أن يكون للخلق بجملتهم مبدأ فاعلي، واجب الوجود بذاته، غير مسبوق بغيره ولا بالعدم، بخلاف الممكن وهو المراد بأزليّته، فحدوث خلقه دالّ على أزله وقدمه الذاتي.
(وباشتباههم) ومشابهة بعضهم لبعض بصور متقاربة وكيفيّات متناسبة أو حقيقة مشتركة (على أن لا شبه له) من خلقه؛ لاستحالة ما يجوز على خلقه من صور، أو

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6185
صفحه از 672
پرینت  ارسال به