429
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.وأراه خليلَه عليه السلام فقال : «وَكَذَ لِكَ نُرِى إِبْرَ هِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَـوَ تِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ » وكيف يَحمِلُ حملةُ العرش اللّه َ ، وبحياته حَيِيَتْ قلوبُهم ، وبنوره اهْتَدَوْا إلى معرفته؟!».

۲.أحمدُ بن إدريسَ ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن صفوانَ بن يحيى ، قال : سألني أبو قُرَّةَ المحدّثُ أن اُدْخِلَه على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فَاسْتأذَنْتُهُ ، فأذِنَ لي ، فدَخَلَ فسألَه عن الحلالِ والحرامِ ، ثمَّ قال له : أفَتُقِرُّ أنّ اللّه َ محمولٌ؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : «كلُّ محمولٍ مَفعولٌ به مُضافٌ إلى غيره ، مُحتاجٌ ، والمحمولُ اسمُ نَقصٍ في اللفظ ، والحامل فاعلٌ وهو في اللفظ مِدْحَةٌ ، وكذلك قول القائل : فوق وتحت وأعلا وأسفل ، وقد قال اللّه : «وله الأسماء الحسنى فادعوه بها» ولم يَقُلْ في كتبه إنّه المحمول ، بل قال : إنّه الحاملُ في البرّ ، والبحر ، والممسكُ السماوات والأرض أن تزولا ، والمحمولُ ما سِوَى اللّه ِ ، ولم يُسمَعْ أحدٌ آمَنَ باللّه وعظمته قَطُّ قال في دعائه : يا محمول» .
قال أبو قُرَّةَ : فإنّه قالَ : «وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَـلـءِذٍ ثَمَـنِيَةٌ » وقال : «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ» . فقال أبو الحسن عليه السلام : «العرشُ ليس هو اللّه ، العرشُ اسمُ علمٍ وقدرةٍ ، وعرشٍ فيه كلُّ شيء ، ثمَّ أضافَ الحملَ إلى غيره : خَلْقٍ مِن خَلْقِه ؛ لأنّه استَعْبَدَ خَلقَه بحمل

العقول، لا الجسمانيّة المدرَكة بالآلات الجسمانيّة.
وقوله: ( والعرش اسمُ عِلْمٍ وقدرة، وعرش فيه كلّ شيء ) أي العرش اسم مشترك يطلق على علمه سبحانه علم تفصيلي في موجود عيني، وعلى قدرته سبحانه في مظهرها، ويطلق على ما فيه كلّ شيء علما أو عيانا ۱ ، كالروحاني من المحيط أو الجسماني منه.
ولمّا كان اللّه سبحانه هو الحاملَ والحافظَ بالحقيقة لكلّ شيء، قال: أضاف الحمل إلى خلقه؛ لأنّه استعبد خلقه بحمل عرشه وهم حملة علمه، واستعبد خلقا بتسبيحه

1. في «خ»: «عينا».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
428

۰. رَابِعُهُمْ وَ لاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَ لاَ أَدْنَى مِن ذَ لِكَ وَ لاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ» فالكرسيُّ محيطٌ بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحتَ الثرى ، وإن تَجهَرْ بالقول فإنّه يَعلَمُ السرَّ وأخفى ، وذلك قوله تعالى : «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَـوَ تِ وَالْأَرْضَ وَلاَ يَـ?ودُهُو حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ» فالَّذين يَحمِلونَ العرشَ هم العلماءُ الَّذين حَمَّلَهم اللّه ُ عِلْمَه ، وليس يَخرُجُ عن هذه الأربعةِ شيءٌ خَلَقَ اللّه ُ في ملكوته الَّذي أراه اللّه أصفياءَه ،

وقوله: (فالكرسيّ محيط بالسماوات والأرض).
إن كان المراد بالسماوات الأفلاكَ كلَّها؛ فإحاطة الكرسيّ إمّا باعتبار الإحاطة العلميّة ، أو باعتبار إطلاق الكرسيّ على المحيط بالكلّ، فهو من حيث العلم عرش، ومن حيث الوسعة الجسمانيّة كرسيّ.
وإن كان المراد بالسماوات الأفلاكَ السبعةَ، فالكرسيّ تحت المحيط ومحيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى كما قاله عليه السلام .
ويحتمل أن يكون هذا القول منه عليه السلام إشارة إلى أنّ الكرسيّ أيضا عبارةٌ عن علمه، كما قيل في تفسير قوله تعالى: « وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَـوَ تِ وَالْأَرْضَ » ۱ أي وسع علمه.
وقوله: ( فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حمّلهم اللّه علمه ) إشارةٌ إلى أنّ نور العرش من حيث اشتماله على المهيّات ـ العقلانيّة التي هو نفسها ـ معدود من علمه سبحانه في مراتب العلوم التفصيليّة.
وقوله: ( وهو الملكوت ۲ الذي أراه اللّه أصفياءه ) يدلّ على أنّ الملكوت عالم الأرواح والعقلانيّات، وأنّ ما أراه خليلَه العالَم الروحاني من السماوات والأرض، لا الجسماني، وأنّ ما رآه إبراهيم عليه السلام من الكواكب كما في قوله سبحانه: « فَلَمَّا رَءَا كَوْكَبًا » ۳ . وقوله: « فَلَمَّا رَءَا الْقَمَرَ » ۴ الكواكب الروحانيّة المبصَرة بأبصار

1. البقرة (۲): ۲۵۵.

2. في الكافي المطبوع: «خلق اللّه في ملكوته» .

3. الأنعام (۶): ۷۶.

4. الأنعام (۶): ۷۷.

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6159
صفحه از 672
پرینت  ارسال به