۲.وعنه ، رَفَعَهُ ، عن الحسن بن راشد ، عن يعقوبَ بن جعفر ، عن أبي إبراهيمَ عليه السلام أنّه قال :«لا أقولُ : إنّه قائمٌ فاُزيلَه عن مكانه ، ولا أحُدُّه بمكانٍ يكونُ فيه ، ولا أَحُدُّهُ أن يَتَحَرَّكَ في شيء من الأركان والجوارح ، ولا أحُدُّهُ بلفظِ شَقِّ فَمٍ ، ولكن كما قال اللّه تبارك وتعالى : « كُن فَيَكُونُ » بمشيئته من غير تردُّدٍ في نفسٍ ، صمدا فردا ، لم يَحْتَجْ إلى شريك يَذكُرُ له مُلكَه ، ولا يَفتَحُ له أبوابَ علمِه».
۳.وعنه ، عن محمّد بن أبي عبد اللّه ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن داودَ بن عبد اللّه ، بأنّه عالم بجميع أحوالك في جميع الأوقات، أو توكّل عليه في توصيفه بصفاته، فقل في صفته بما وصف به نفسَه، ولا تعتمد في توصيفه على ما يذهب إليه وهمك.
قوله:(لا أقول: إنّه قائم فأُزيلَه عن مكانه) أي لا يتّصف بالقيام اتّصافَ الأجسام والمكانيّات؛ لاستلزامه الزوالَ في الجملة عن مكانه كزوال ما يقوم من الأجسام عن مكانه الذي استقرّ فيه، وما لا يمكن فيه التمكّن لا يتّصف بالزوال عن المكان أصلاً؛ ولأنّ القيام نسبة إلى المكان بخلوّ بعض المكان عن بعض القائم عنه ۱ ، وشُغل بعضه ببعضه، ونسبته سبحانه بكلّ الأمكنة سواء، لا يجوز عليه شغلُ مكانٍ من الأمكنة به، ولا خلوُّ مكانٍ عنه، ولا يتّصف سبحانه بالتحرّك في شيء من الأركان والجوارح، ولا بشقّ فم ولكن يُكَوِّن الأشياءَ بقوله: (كن) لا بجارحة وعضو (من غير تردّد في نَفَسٍ صمدا) لا جوف له (فردا لم يحتج ملكه إلى شريك يذكر له ولا) إلى شريك (يفتح له أبواب علمه) أو المراد لم يحتج هو إلى شريك يذكر له ملكه ولا شريك يفتح له أبواب علمه.
قوله: (وعنه عن محمّد بن أبي عبداللّه ) كأنّه قوله: «عن محمّد بن أبي عبداللّه » كُتب بدلاً عن قوله «عنه» أو بيانا وجمع بينهما في هذه النسخ ۲ .
عن عمرو بن محمّد، عن عيسى بن يونس ، قالَ : قال ابن أبي العوجاء لأبي عبد اللّه عليه السلام في بعض ما كان يُحاوِرُهُ : ذكرتَ اللّه فأحَلْتَ على غائب ، فقال أبو عبد اللّه : «ويلك ، كيف يكون غائبا مَن هو مع خَلْقِه شاهدٌ ، وإليهم أقربُ من حَبْلِ الوريدِ ، يَسمَعُ كلامَهم ، ويَرى أشخاصَهم ، ويَعلَمُ أسرارَهم؟».
فقال ابن أبي العوجاء : أهو في كلّ مكانٍ ، أليس إذا كان في السماء كيف يكونُ في الأرض؟ وإذا كان في الأرض كيف يكونُ في السماء؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : «إنّما وَصَفْتَ المخلوقَ الّذي إذا انتقلَ عن مكان اشتغلَ به مكانٌ وخَلا منه مكانٌ ، فلا يَدرِي في المكان الّذي صارَ إليه ما يَحدُثُ في المكان الّذي كانَ فيه ، فأمّا اللّه ُ العظيمُ الشأنِ المَلِكُ الديّانُ ، فلا يَخْلُو منه مكانٌ ، ولا يَشتَغِلُ به مكانٌ ، ولا يكونُ إلى مكانٍ أقربَ منه إلى مكانٍ» .