415
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۲.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن أبي عبد اللّه ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونسَ بن عبد الرحمن ، عن الحسن بن السَّرِيِّ ، عن جابر بن يزيد الجُعفيّ ، قال :سألتُ أبا جعفر عليه السلام عن شيءٍ من التوحيد ، فقال : «إنَّ اللّه ـ تبارَكَتْ أسماؤه الّتي يُدعا بها وتَعالى في عُلُوِّ كنهه ـ واحدٌ ، تَوَحَّدَ بالتوحيد في تَوَحُّدِه ، ثمَّ أجراه على خلقه ، فهو واحدٌ ، صمدٌ ، قدُّوسٌ ، يَعبُدُه كلُّ شيء ، ويَصْمَدُ إليه كلُّ شيء ، ووَسِعَ كلَّ شيء علما».

تفسيرُه بالسيّد المصمود إليه في كلّ شيء؛ لينتقل منه إلى كونه سبحانه غيرَ فاقد لشيء حتّى يستكمل بغيره في ذاته أو صفاته الحقيقيّة الكماليّة، وتارةً بما لا خلوّ له عمّا يليق به وبمُلْكه ۱ ، فلا يكون له جوف يصلح لأن يدخله ماليس له في ذاته، فيستكملَ به؛ لينتقل منه إلى كماله لذاته لا بمغايرة، فلا يكون له سبحانه جوف بمعنى الخلوّ عمّا يصحّ اتّصافه به؛ لكونه تامّا مستكملاً في ذاته بذاته ، فيطلق عليه الصمد لذلك الاستكمال الذاتي والتماميّة ، بمعنى أنّه لا يخلو في ذاته عمّا يصحّ أن يتّصف به ويعدّ من كماله، وبمعنى أنّه يقصد إليه كلُّ ما يغايره في كمالاته ويكون انتهاء الكلّ إليه في الوجود والكمالات.
وأمّا الذي استشهد به من قول أبي طالب:
وبالجمرة القُصوى إذا صمَدوا لهايؤمّون قذفا رأسها بالجنادل
وفي بعض النسخ «رضخا» والرضخ بمعنى الرمي كالقذف. و«الجندل» ـ كجعفر ـ : ما يُقلّه الرجل من الحجارة. ومن قول شاعر الجاهليّة، وقول ابن الزبرقان، وقول شدّاد بن معاوية، فالأوّلان منها يدلاّن ظاهرا على استعمال الفعل بهذا المعنى، ولعلّه لا يحتاج إلى الاستشهاد . والآخران يدلاّن على إطلاق السيّد الصمد، وأمّا المراد فلا دلالة عليه فيهما.
نعم، في الروايتين دلالة على أنّ الصمد في السيّد الصمد بمعنى المصمود إليه، وعلى أنّ الصمد مأخوذ من قوله «يصمد إليه كلّ شيء».

1. في «خ، ل، م»: «يملكه».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
414

۰.وهكذا جميعُ الأسماء وإن كُنّا لم نَسْتَجْمِعْها كلَّها ، فقد يَكتفي الاعتبارُ بما ألْقَيْنا إليك ، واللّه ُ عَونُك وعَونُنا في إرشادِنا وتوفيقِنا».

باب تأويل الصمد

۱.عليُّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الوليد ـ ولَقَبُه شَبابٌ الصيرفيّ ـ عن داودَ بن القاسم الجعفريّ ، قال :قلتُ لأبي جعفر الثاني عليه السلام : جُعِلتُ فداك ، ما الصمد؟ قال : «السيّدُ المصمودُ إليه في القليلِ والكثيرِ» .

اللّه تعالى على ۱ غلبته على جميع الأشياء بالإيجاد والفاعليّة وتلبّسِ جميع الأشياء بالذلّ له، وأن ليس لها الامتناع عن إرادته وأمره سبحانه والخروج عنها طرفةَ عين، وهكذا جميع أسمائه سبحانه يقع عليه بغير المعنى الذي يطلق في عباده.

باب تأويل الصمد

قوله: (ما الصمد ؟) أي ما معنى الصمد في أسمائه سبحانه ؟ وأجابه ۲ عليه السلام بأنّ المراد به السيّد المصمود إليه في كلّ شيء قليلهِ وكثيرِه، يعني الذي يكون عنده كلُّ ما يحتاج إليه كلّ شيء، ويكون رفع حاجة الكلّ إليه، ولم يَفْقِد في ذاته شيئا ممّا يحتاج إليه الكلّ ، فالصمد ـ بالتحريك ـ مأخوذ من الصَمْد بمعنى القصد.
ولا يبعد أن يكون الصَمْد في الأصل الجامعيّةَ وعدمَ الخلوّ عمّا يصحّ أن يكون له ومنه، وفقدِه ۳ إيّاه، أو عمّا يصحّ أن يُطلب منه ويرفعَ الحاجة إليه فيه، ثم اُطلق في الاستحقاق لأن يطلب منه ويُقصد إليه في الطلب، فيفسَّر الصمد بالقصد، وفي عدم الخلوّ عمّا يمكن أن يكون في الشيء وكونِه غيرَ خالٍ عمّا يمكن أن يكون فيه، فيفسّر الصمد ـ بالتحريك ـ بالمصمَت الذي لا جوف له، فوقع في أحاديثهم عليهم السلامتارة

1. كذا في النسخ، ولا يبعد كونه في الأصل «بمعنى».

2. في «ل»: «فأجاب».

3. قوله: «فقده» عطف على «الخلوّ» المجرور بإضافة «عدم» إليه.

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5727
صفحه از 672
پرینت  ارسال به