۰.وأمّا الباطن ، فليس على معنى الاستبطانِ للأشياء بأن يَغورَ فيها ، ولكن ذلك منه على اسْتِبطانِه للأشياء علما وحفظا وتدبيرا ، كقول القائل : أبْطَنْتُه ، يعني خَبَّرْتُه وعلمتُ مكتومَ سِرِّهِ ، والباطنُ منّا الغائبُ في الشيء المستَتِرُ ، وقد جَمَعْنا الاسمَ واخْتَلَفَ المعنى .
وأمّا القاهر ، فليس على معنى عِلاجٍ ونَصَبٍ واحتيالٍ ومُداراةٍ ومَكْرٍ ، كما يَقهَرُ العبادُ بعضُهم بعضا ، والمقهورُ منهم يَعودُ قاهرا ، والقاهرُ يَعودُ مقهورا ، ولكن ذلك من اللّه تبارك وتعالى ، على أنَّ جميعَ ما خَلَقَ مُلَبَّسٌ به الذلُّ لفاعله وقلّةُ الامتناع لما أرادَ به ، لم يَخْرُجْ منه طرفَةَ عينٍ أن يقول لَه : كن فيكون ، والقاهر منّا على ما ذكرتُ ووَصَفْتُ ؛ فقد جَمَعنا الاسمَ واختلف المعنى .
حكمها من الصورة المنطبعة في المشاعر، أو حضور أنفسنا، فالظاهر منّا بارز بنفسه، معلومٌ بحدّه، وهو سبحانه ظاهر بارز الصنعة معلوم الآثار، فاشترك الاسم، واختلف المعنى.
قوله: (وأمّا الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء . . . ) أي ليس الباطن بمعنى الغائر في الشيء ، الداخلِ في بطنه المستورِ بالظاهر، ولكن كونه باطنا استبطانُ علمه وحفظه وتدبيره للأشياء، فعلمه غائر في الأشياء، داخل في بطنها المستور بالظاهر منها، وكذا حفظه وتدبيره بالغٌ بواطنَ الأشياء وبطونَها ، المستورةَ بظواهرها (والباطن منّا) أي من المخلوق (الغائر ۱ في الشيء المستتر) بالظاهر؛ (فقد شملنا ۲ الاسمُ واختلف المعنى).
قوله: (وأمّا القاهر فليس على معنى علاج ونصب واحتيال).
«العلاج»: مزاولة الفعل والسعي فيه والمداواة. و «النصب»: التعب والمشقّة. و «الاحتيال»: جودة النظر والقدرة على التصرّف. والقاهر في حقّه سبحانه ليس بهذا المعنى، إنّما قهر عباده بهذه الصفة، فاللفظ وإن اتّحد فالمعنى مختلف. والقاهر من