407
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.ما ضَيَّعوا ، فقد يقالُ للرجل : كَلْبٌ وحمارٌ وثورٌ وسُكَّرَةٌ وعَلْقَمَةٌ وأسدٌ ، كلُّ ذلك على خلافه وحالاته ، لم تَقَعِ الأسامي على معانيها الّتي كانَتْ بُنِيَتْ عليه ؛ لأنّ الإنسانَ ليس بأسدٍ ولا كلبٍ ، فافهم ذلك رحمك اللّه .
وإنّما سُمِّيَ اللّه ُ تعالى بالعلم بغير علمٍ حادثٍ عَلِمَ به الأشياءَ ، اسْتَعانَ به على حِفْظ ما يُستقبَلُ من أمره والروِيَّةِ فيما يَخلُقُ من خَلْقِه ، ويُفْسِدُ ما مضى ممّا أفنى من خلقه ممّا لو لم يَحْضُرْهُ ذلك العلمُ ويَغيبُه كانَ جاهلاً ضعيفا ، كما أنّا لو رأينا علماءَ الخلقِ إنّما سُمُّوا بالعلم

ضيّعوا) ولم يكن لهم اعتذار بأنّك كلّمتنا بما لا نعقله ولا يكون على طباق الشائع من استعمالاتنا.
وقوله: (فقد ۱ يقال للرجل...) بيان لشيوع استعمال اللفظ الواحد على معانٍ مختلفة.
وقوله: (وإنّما سمّي اللّه بالعلم) أي وُصف به، أو اُطلق عليه العليم المشتّقُ من العلم. وهذا التوصيف والإطلاق ليس باعتبار علم مغاير للعالم حاصلٍ له، يكون هو مناطَ الانكشاف على العالم، ويستعين العالم به على رعاية ما يستقبل من أمره، وما يحدث له، وعدمِ الغفلة عنه، وعلى الرويّة والتفكّر فيما يخلقه من خلقه، ويفسد عند خلقه ما مضى ممّا أفناه من خلقه ؛ حيث لم يُبقه بتأثيره ۲ ، أو المعنى فيما يفسد من خلقه، فيكون قوله «ما مضى» بدلاً من «ما يفسد».
وقوله: (ممّا لو لم يحضره ذلك العلم) أي من العلم الذي لو لم يحضر العالمَ ذلك العلم (ويعيّنه) ۳ ويحصّله تعيينا وتحصيلاً لا يكون له إلاّ بحصوله بعد خلوّه عنه بذاته (كان جاهلاً ضعيفا).
وفي بعض النسخ «يغيبه» من الغيبة مكانَ «يعيّنه» من التعيين، فيكون مفسّرا لقوله: «لم يحضره».

1. في «خ، ل»: «وقد».

2. في «ل»: «لم تبقه بتأثيره» وفي حاشيته: «تباشره».

3. في الكافي المطبوع: «يغيبه».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
406

۰.الحسنى فَتَسَمَّيْتُم بجميعها؟ فإنّ في ذلك دليلاً على أنّكم مِثْله في حالاته كلِّها ، أو في بعضِها دوَنَ بعضٍ ؛ إذ جَمَعْتُمُ الأسماءَ الطيّبةَ؟
قيلَ لهم : إنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ ألْزَمَ العبادَ أسماءً من أسمائه على اختلاف المعاني ؛ وذلك كما يَجمَعُ الاسمُ الواحدُ معنَيَيْنِ مختلفَيْنِ . والدليلُ على ذلك قولُ الناسِ الجائزُ عندهم الشائعُ ، وهو الذي خاطَبَ اللّه ُ به الخَلْقَ ، فكَلَّمَهم بما يَعقِلونَ ليكونَ عليهم حُجَّةً في تضييع

لا مثل للّه ولا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى) وصفاته العلى ۱ (فتسمّيتم بجميعها؟ فإنّ في ذلك دليلاً على أنّكم مثله في حالاته) ومشاركوه فيها (كلّها) إن انحصرت حالاته فيها (أو بعضها) الظاهر (دون بعض) إن كان له حال غيرها (إذ جمعتم الأسماء الطيّبة) التي نعرفها من حالاته.
وفيه دلالة على التشارك في المهيّة؛ حيث يدلّ التشارك في جميع الأحوال، أو معظمِها على التشارك في المهيّة، وقولهم هذا تكذيبهم لأهل الحقّ.
وإذا اعترضوا بهذا القول (قيل لهم) في الجواب: (إنّ اللّه تبارك وتعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه) وأطلقها عليهم وسمّاهم بها لا بوضع واحد وبمعنى واحد، بل (على اختلاف المعاني) باشتراك الاسم بين معنيين، أو بالنقل، أو بالحقيقة والمجاز (وذلك كما يجمع الاسم الواحد) في اللغات (معنيين مختلفين) بالاشتراك، أو النقل، أو الحقيقة والمجاز (والدليل على ذلك) والمصحّح له (قول الناس) في مقالاتهم (الجائز عندهم) أي السائغ أو الجائز من موضع إلى موضع. وقوله: (الشائع) على الثاني كالمفسّر والمؤكّد للجائز وقوله: (وهو الذي خاطب اللّه به الخلق) حال من فاعل «الجائز».
ولمّا كان السائغ الشائع في لغاتهم الاستعمال بالاشتراك والنقلَ والحقيقةَ والمجازَ (فكلّمهم بما يعقلون) في أقوالهم ولغاتهم (ليكون عليهم حجّة في تضييع ما

1. في «خ»: «العليا».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6129
صفحه از 672
پرینت  ارسال به