۰.أوَ لاترى ـ وَفَّقَكَ اللّه ُ وثَبَّتَكَ ـ إلى أثرِ صُنْعِه في النبات اللطيفِ وغيرِ اللطيف ، ومن الخَلْق اللطيف ، ومن الحيوان الصغار ، ومن البَعوض والجِرْجِسِ وما هو أصغر منها ما لا يكادُ تَستبينُه العيونُ ، بل لا يكادُ يُستَبانُ لصِغَرِه الذَكَرُ من الأُنثى ، والحَدَثُ المولودُ من القديم ، فلمّا رأينا صِغَر ذلك في لطفه واهتداءه لِلسَّفاد ، والهَرَبَ من الموت ، والجمعَ لما يُصلِحُهُ وما في لُجَجِ البحار، وما في لِحاءِ الأشجارِ والمفاوِزِ والقِفارِ، وإفهامَ بعضِها عن بعضٍ مَنطِقَها وما يَفْهَمُ به أولادُها عنها ، ونَقْلَها الغذاءَ إليها ، ثمّ تأليفَ ألوانِها ، حُمْرَةٍ مع صُفرةٍ ، وبياضٍ مع حُمرَةٍ ، وأنّه ما لا تكادُ عيونُنا تَستبينُه لدَمامَةِ خَلْقِها ، لا تراه عُيونُنا ، ولا تَلمِسُه أيدينا عَلِمْنا أنّ خالقَ هذا الخلق لطيفٌ ، لَطُفَ بخَلْق ما سَمَّيْناه بلا عِلاجٍ ولا أداةٍ ولا آلةٍ ، وأنّ كلَّ صانِعِ شيءٍ فمِنْ شيءٍ صَنَعَ، واللّه ُ الخالقُ اللطيفُ الجليلُ، خَلَقَ وصَنَعَ لا من شيءٍ».
۲.عليُّ بن محمّد ، مُرسَلاً ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :قال : «اعْلَمْ عَلَّمَكَ اللّه ُ الخيرَ أنّ اللّه َ ـ تبارك وتعالى ـ قديمٌ ، والقِدَمُ صفتُه الّتي دَلَّتِ العاقلَ على أنّه لا شيءَ قبلَه
وقوله: (أو لا ترى وَفّقك اللّه وثبّتك إلى أثر صنعه في النبات...).
تنبيه على نفي عجزه سبحانه عن خلق الدقيق، ونفي جهله بالشيء الدقيق وأدقِّ ما فيه من الدقائق.
و«الجرجس» ـ بالكسر ـ : البعوض الصغار. و«لِحاء الأشجار» : قشرها.
وقوله : (لدمامة خلقها) أي لكونها مستورةً بما يغطّيها.
قوله: (والقِدم صفته التي دلّت العاقل).
المراد بالقدم وجوب الوجود بالذات والسرمديّة، ووجوب الوجود بالذات يدلّ على التوحّد ۱ بالسرمديّة؛ لامتناع التعدّد في الواجب بذاته واستحالة سرمديّة غيره ۲ ، فلا شيء قبله لسرمديّته، ولا شيء معه وفي مرتبته في ديموميّته واستمرار وجوده؛