41
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

كتاب العقل والجهل

قوله:(كتاب العقل والجهل).

العقل يطلق على حالة في النفس، داعيةٍ إلى اختيار الخير والنافع، بها يُدرَك الخير والشرّ، ويميّز بينهما، ويتمكّن من معرفة أسباب المسبَّبات وما ينفع فيها و مايضرّ، وبها يقوى على زجر الدواعي الشهوانيّة والغضبيّة ودفع الوساوس الشيطانيّة.
ويقابله الجهل، ويكون لفقد ۱ أحد الأُمور، ولفقد ۲ أكثرها، ولفقد ۳ جميعها.
وقد يطلق العقل ويراد به قوّة إدراك الخير والشرّ والتمييز بينهما والتمكّن من معرفة أسباب الأُمور ذوات الأسباب وما يؤدّي إليها وما يمنع منها. والعقل بهذا المعنى مناط التكليف والثواب والعقاب .
والعقل بالمعنى الأوّل «ما عُبِدَ به الرّحمن واكتُسب به الجنان». ولعلّ الأوّل هو الكامل من الثاني، فتبادر ۴ عند الإطلاق، وشاع استعماله فيه.
وفي الحديث الأوّل في ۵ هذا الباب استعمل في الثاني واُشير ۶ إلى أنّ كماله
لا يكون إلاّ فيمن أحبّ، وفي الحديث الثاني و الثالث استعمل في الكامل يعني المعنى الأوّل، وفي بعض الأحاديث التالية لها استعمل في الأوّل، وفي بعضها في الثاني ، يُعرف بالتدبّر .
وقد يطلق العقل على أوّل مخلوق من الروحانيين، كما نطق به الأحاديث الواردة عن المعصومين عليهم السلام، ووافقتها كلمة الكَمَلة من الحكماء المحقّقين.
فإن صحّ القول بثبوته للنفس ـ على ما قاله المحقّقون من أنّ نسبته إلى النفس كنسبة النفس إلى البدن، وقالوا للنفس: إنّها صورة البدن، وأنّ «الناطق» الذي هو فصل الإنسان، وصورتَه التي هي النفس مختلفان باعتبار اللابشرطيّة وشرط ۷ اللائيّة ، كما أنّ الحيوان الذي هو الجنس، والبدنَ الذي هو المادّة مختلفان بالاعتبارين المذكورين، وإذ لم يبالوا بإطلاق التوصيف مع الاختلاف بالمفارقة والمقارنة بين النفس والبدن لمجرّد ۸ التعلّق الخاصّ بينهما ، فكيف مع الاتّفاق في التجرّد الذاتي كما في النفس والعقل ـ فلا يستبعدجزاءٌ لقوله: «فإن صحَّ» . حمل العقل في الأحاديث الدالّة على اتّصاف النفس به وكونِه حالةً لها على ذلك الروحاني المخلوق أوّلاً . وكثير من أحاديث هذا الباب يؤيّد ذلك ويقوّيه، ولا يبعد أن يقال: إنّ للنفس بارتباطها بالعقل المجرّد الذي خلَقه اللّه أوّلاً قبل خلق النفس إشراقا من ۹
ذلك العقل، فينتسب إلى النفس باعتبار إشراقِه عليها، وإن كان قد يطلق العقل على حالة النفس باعتبار ذلك الإشراق ويتبع ذلك الإشراق حصولُ العلم والمعرفة للنفس.
وقد يفرق بين العلم والمعرفة ۱۰ بتخصيص المعرفة بإدراك الشيء بآثاره ، أو بإدراك الشيء إدراكا يتوصّل إليه بتفكّر و تدبّر ، وإطلاقِ العلم على إدراك الشيء

1. . في «خ، ل»: «بفقد».

2. في «خ، ل»: «فيتبادر» .

3. في «خ، ل، م»: «من» .

4. في حاشية «ت»: وذكر هذا مقوّيا لدعوى أنّ الأوّل هو الكامل من الثاني، فتدبّر .

5. في «م»: «وبشرط» .

6. في «ل، م»: «بمجرّد» .

7. في «ت»: «عن» .

8. في «خ»: + «للنفس» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
40

وقد يسّر اللّه ـ وله الحمد ـ تأليفَ ما سألتَ ، وأرجو أن يكونَ بحيث تَوَخّيتَ ، فمهما كان فيه من تقصير فلم تُقَصِّرْ نيّتنا في إهداء النصيحة ؛ إذ كانت واجبةً لإخواننا وأهلِ ملّتنا ، مع ما رجونا أن نكونَ مشاركين لكلّ من اقتبس منه ، وعَمِلَ بما فيه في دهرنا هذا ، وفي غابره إلى انقضاء الدنيا ؛ إذ الربّ ـ جلّ وعزّ ـ واحدٌ ، والرسولُ محمّد خاتم النبيّين ـ صلوات اللّه وسلامه عليه وآله ـ واحدٌ ، والشريعةُ واحدةٌ ، وحلالُ محمّدٍ حلالٌ ، وحرامُه حرامٌ إلى يوم القيامة ، ووَسَّعْنا قليلاً كتاب الحجّة وإن لم نكمِّلْه على استحقاقه ؛ لأنّا كَرِهْنا أن نَبخَسَ حظوظَه كلَّها .
وأرجو أن يُسهِّلَ اللّه ـ جلّ وعزّ ـ إمضاءَ ما قدَّمْنا من النيّة ، إن تأخَّرَ الأجلُ صنَّفْنا كتابا أوسعَ وأكملَ منه ، نوفّيه حقوقَه كلّها إن شاء اللّه تعالى ، وبه الحولُ والقوَّةُ ، وإليه الرغبةُ في الزيادة في المعونةِ والتوفيقِ . والصلاةُ على سيّدنا محمّد النبيّ وآله الطاهرين الأخيار .
وأوّل ما أَبتدِئُ به وأفتتحُ به كتابي هذا كتاب العقل وفضائلِ العلم ، وارتفاعِ درجة أهله ، وعلوِّ قَدْرهم ، ونقصِ الجهل ، وخساسةِ أهله ، وسقوطِ منزلتهم ؛ إذ كان العقلُ هو القطبَ الذي عليه المدار ، وبه يحتجّ ، وله الثواب ، وعليه العقاب ، واللّه الموفّق .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5796
صفحه از 672
پرینت  ارسال به