الدُّنْيَا وَ الْأَخِرَةَ ذَ لِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ » لأنّه كان داخلاً فيه بغير علمٍ ولا يقينٍ ، فلذلك صارَ خروجُه بغير علم ولا يقين .
۰.العالم عليه السلام :«من دخل في الإيمان بعلمٍ ، ثَبَتَ فيه ، ونفعَه إيمانُه ، ومن دخل فيه بغير علمٍ ، خرج منه كما دخل فيه» .
۰.وقال عليه السلام :«من أخذ دينَه من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلوات اللّه عليه وآله، زالت الجبالُ قبلَ أن يزولَ ، ومن أخذ دينَه من أفواه الرجالِ ، رَدَّتْه الرجالُ» .
۰.وقال عليه السلام :«من لم يعرفْ أمرَنا من القرآن ، لم يتنكّب الفتن» .
ولهذه العلّة انبثقت على أهل دهرنا بُثُوقُ هذه الأديان الفاسدة ، والمذاهب المستشنعة ، التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلَّها ، وذلك بتوفيق اللّه تعالى وخذلانه ، فمن أرادَ اللّه توفيقَه وأن يكونَ إيمانُه ثابتا مستقرًّا ، سبَّبَ له الأسباب التي تُؤدِّيه إلى أن يأخُذَ دينَه من كتاب اللّه وسنّة نبيّه صلوات اللّه عليه وآله بعلم ويقين وبصيرة ، فذاك أثْبَتُ في دينه من الجبال الرواسي ، ومن أراد اللّه خذلانَه وأن يكونَ دينُه معارا مستودعا ـ نعوذ باللّه منه ـ سبَّبَ له أسبابَ الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة ، فذاك في المشيئة ، إن شاءَ اللّه ُ تبارك وتعالى ، أتمَّ إيمانَه ، وإن شاءَ ، سَلَبَهُ إيّاه ، ولا يُؤْمَن عليه أن يُصْبِحَ مؤمنا ويُمسيَ كافرا ، أو يمسيَ مؤمنا ويُصبِحَ كافرا ؛ لأنّه كلَّما رأى كبيرا من الكُبراء ، مالَ معه ، وكلَّما رأى شيئا استحسن ظاهرَه ، قَبِلَه ، وقد قال العالم عليه السلام : «إنّ اللّه عزّ وجلّ خلَقَ النبيّين على النبوّة ، فلا يكونون إلاّ أنبياءَ ، وخلَقَ الأوصياءَ على الوصيّة ، فلا يكونون إلاّ أوصياءَ ، وأعارَ قوما إيمانا ، فإنْ شاءَ تمَّمَهُ لهم ، وإن شاءَ سَلَبَهم إيّاه» قال : «وفيهم جرى قوله : « فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ » » .
وذكرْتَ أنّ اُمورا قد أشكلَتْ عليك ، لا تَعرفُ حقائقَها لاختلاف الرواية فيها ، وأنّك تَعْلم أنّ اختلاف الرواية فيها لاختلاف عِلَلِها وأسبابِها ، وأنّك لا تجدُ بحضرتك من تُذاكِرُه وتُفاوِضُه ممّن تثق بعِلْمه فيها .
وقلتَ : إنّك تُحِبُّ أن يكونَ عندك كتاب كافٍ يُجْمَع فيه من جميع فنون علم الدين ما يَكْتفي به المتعلّمُ ، ويَرْجع إليه المسترشد ، ويأخُذُ منه من يريد علمَ الدين والعملَ به بالآثار
الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسننِ القائمة التي عليها العملُ ، وبها يُؤَدَّى فرضُ اللّه عزّ وجلّ وسنّةُ نبيّه صلى الله عليه و آله .
وقلت : لو كان ذلك ، رَجَوْتُ أن يكونَ ذلك سببا يَتدارك اللّه تعالى بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملّتنا ، ويُقْبِلُ بهم إلى مَراشدهم .
فاعلَمْ يا أخي ـ أرشدَكَ اللّه ـ أنّه لا يسعُ أحدا تمييز شيء ممّا اختلفت الرِّوايةُ فيه عن العلماء عليهم السلامبرأيه ، إلاّ على ما أطلقه العالم عليه السلام بقوله : «اعرضوها على كتاب اللّه ، فما وافَقَ كتابَ اللّه عزّ وجلّ فخذوه ، وما خالَفَ كتابَ اللّه فرُدُّوه» .