375
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.أن يكونَ عزيزا حكيما ولا يَقدرُ أن لا يكونَ عزيزا حكيما ، ويقدر أن يكونَ جوادا ولا يقدرُ أن لا يكونَ جوادا ، ويقدرُ أن يكونَ غفورا ولا يقدر أن لا يكونَ غفورا ؛ ولا يجوزُ أيضا أن يقالَ : أرادَ أن يكونَ ربّا وقديما وعزيزا وحكيما ومالكا وعالما وقادرا ؛ لأنّ هذه من صفات الذات ، والإرادةُ من صفات الفعل ، ألا تَرى أنّه يقال : أرادَ هذا ولم يُرِدْ هذا ، وصفات الذات تَنفي عنه بكلّ صفةٍ منها ضدَّها ، يقال : حيٌّ وعالمٌ وسميعٌ وبصيرٌ وعزيزٌ وحكيمٌ ، غنيٌّ ، ملكٌ ، حليمٌ ، عدلٌ ، كريمٌ ، فالعلمُ ضدُّه الجهل ، والقدرةُ ضدُّها العجز ، والحياةُ ضدُّها الموت ، والعزَّةُ ضدُّها الذلّة ، والحكمةُ ضدُّها الخطاء ، وضدُّ الحلم العجلةُ والجهلُ ، وضدُّ العدلِ الجورُ والظلمُ .

والملك وغيرها من صفات الذات، لا يجوز أن ينسب إليها القدرة؛ فإنّ القدرة إنّما يصحّ استعمالها مع الفعل أو الترك، فلا يقال: يقدر أن يعلم، ولا يقال: لا يقدر أن لا يعلم؛ لأنّ العلم لا شائبة فيه من الفعل.
قوله: (ويقدر أن يكون جوادا، ويقدر ۱ أن لا يكون جوادا...) أي لا يجوز أن يقال: «ويقدر أن يكون جوادا ويقدر أن لا يكون جوادا، ويقدر ۲ أن يكون غفورا ويقدر أن لا يكون غفورا».
فإن قيل: يصحّ أن يقال: إنّه يقدر أن يغفر، ويقدر أن لا يغفر، ويقدر أن يجود بشيء، ويقدر أن لا يجود به.
قلنا: فرق بين الجواد والغفور، وبين فعل الجود والمغفرة؛ فإنّ معنى الجواد ذاتٌ يليق به الجود، أي حصولُ ما ينبغي وفيضُه منه بلا غرض لذاته، أو مَن يكون في ذاته بحيث يكون منه إفادةُ ما ينبغي لا لعوض وإن كانت الإفادة بإرادة، فمرجع الجود إلى التماميّة وفوقِها، ومناطيّة الانكشاف. وأمّا النسبة التابعة ۳ المتأخّرة، فليست معتبرةً فيه، إنّما هي تتبعه ، ولذا يُعدّ من صفات الذات.

1. في الكافي المطبوع: «ولا يقدر».

2. في «ل»: «أو يقدر».

3. في «م»: «المتابعة».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
374

۰.ا لجملة : أنّك تُثْبِتُ في الوجود ما يُريدُ وما لا يُريدُ ، وما يَرضاه وما يسْخطُه ، وما يُحِبُّ وما يُبْغِضُ ، فلو كانت الإرادةُ من صفات الذات ـ مثل العلم والقدرة ـ كانَ ما لا يُريدُ ناقضا لتلك الصفةِ ، ولو كانَ ما يُحِبُّ من صفاتِ الذاتِ كانَ ما يُبغِضُ ناقضا لتلك الصفةِ ، ألاترى أنّا لا نَجِدُ في الوجود ما لا يَعلَمُ وما لا يَقدِرُ عليه ، وكذلك صفاتُ ذاتِهِ الأزليّ لسنا نَصِفُه بقدرةٍ وعجزٍ وعلمٍ وجهلٍ وسَفَهٍ وحِكْمَةٍ وخطاءٍ وعزٍّ وذلّةٍ ، ويَجوزُ أن يقالَ : يُحِبُّ مَن أطاعَه ويُبغِضُ من عصاه ، ويُوالي من أطاعَه ، ويُعادي من عَصاه ، وإنّه يرضا ويَسخَطُ ، ويقال في الدعاء : اللّهمَّ ارْضَ عنّي ولا تَسْخَطْ علَيَّ وتَوَلَّني ولا تُعادِني ؛ ولا يجوز أن يقال : يقدر أن يَعلَمَ ولا يَقْدِرُ أن لا يَعلَمَ ، ويَقدِرُ أن يَملِكُ ولا يَقدِرُ أن لا يَملِكَ ، ويقدر

وأيضا لا ينافي كونُها من صفات الفعل كونَها من الصفات الحقيقيّة، فلا يلزم من الحكم بكونها من صفات الفعل كونُها خارجةً عن الصفات الحقيقيّة، ومِن عَدِّها في الصفات الحقيقية الحكمُ بخروجها عن صفات الفعل.
وأيضا لا ينافي كونُها من صفات الفعل نفيَ المعاني والصفات الزائدة عينا؛ فإنّه لايلزم من كونها صفةَ الفعل كونُها معنى قائما بالذات، حالاًّ فيه ولا صفةً زائدة عينيّة ، كما لا يخفى.
قوله: (ولا يقدر أن لا يعلم).
يحتمل أن يكون كلمة «لا» في قوله: «لا يقدر أن لا يعلم» مؤكّدةً للنفي ويكونَ المعنى: لا يجوز أن يقال: يقدر أن لا يعلم، كما لا يجوز أن يقال: يقدر أن يعلم.
ويؤيّده ترك كلمة «لا» في قوله: «ويقدر أن لا يكون جوادا» وفي قوله: «يقدر أن لا يكون غفورا» على أظهر الاحتمالين فيهما.
ويحتمل أن يكون كلمة «لا» في قوله: «ولا يقدر أن لا يعلم» من مقول القول الذي لا يجوز. وتوجيهه أنّ القدرة لا تنسب إلاّ إلى الفعل نفيا أو إثباتا، فيقال: يقدر أن يفعل أو يقدر أن لا يفعل، ولا تنسب إلى ما لا يعتبر الفعل فيه لا إثباتا ولا نفيا، فما يكون من صفات الذات التي لا شائبة للفعل فيها، كالعلم والقدرة

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5826
صفحه از 672
پرینت  ارسال به