۰.أن يكونَ عزيزا حكيما ولا يَقدرُ أن لا يكونَ عزيزا حكيما ، ويقدر أن يكونَ جوادا ولا يقدرُ أن لا يكونَ جوادا ، ويقدرُ أن يكونَ غفورا ولا يقدر أن لا يكونَ غفورا ؛ ولا يجوزُ أيضا أن يقالَ : أرادَ أن يكونَ ربّا وقديما وعزيزا وحكيما ومالكا وعالما وقادرا ؛ لأنّ هذه من صفات الذات ، والإرادةُ من صفات الفعل ، ألا تَرى أنّه يقال : أرادَ هذا ولم يُرِدْ هذا ، وصفات الذات تَنفي عنه بكلّ صفةٍ منها ضدَّها ، يقال : حيٌّ وعالمٌ وسميعٌ وبصيرٌ وعزيزٌ وحكيمٌ ، غنيٌّ ، ملكٌ ، حليمٌ ، عدلٌ ، كريمٌ ، فالعلمُ ضدُّه الجهل ، والقدرةُ ضدُّها العجز ، والحياةُ ضدُّها الموت ، والعزَّةُ ضدُّها الذلّة ، والحكمةُ ضدُّها الخطاء ، وضدُّ الحلم العجلةُ والجهلُ ، وضدُّ العدلِ الجورُ والظلمُ .
والملك وغيرها من صفات الذات، لا يجوز أن ينسب إليها القدرة؛ فإنّ القدرة إنّما يصحّ استعمالها مع الفعل أو الترك، فلا يقال: يقدر أن يعلم، ولا يقال: لا يقدر أن لا يعلم؛ لأنّ العلم لا شائبة فيه من الفعل.
قوله: (ويقدر أن يكون جوادا، ويقدر ۱ أن لا يكون جوادا...) أي لا يجوز أن يقال: «ويقدر أن يكون جوادا ويقدر أن لا يكون جوادا، ويقدر ۲ أن يكون غفورا ويقدر أن لا يكون غفورا».
فإن قيل: يصحّ أن يقال: إنّه يقدر أن يغفر، ويقدر أن لا يغفر، ويقدر أن يجود بشيء، ويقدر أن لا يجود به.
قلنا: فرق بين الجواد والغفور، وبين فعل الجود والمغفرة؛ فإنّ معنى الجواد ذاتٌ يليق به الجود، أي حصولُ ما ينبغي وفيضُه منه بلا غرض لذاته، أو مَن يكون في ذاته بحيث يكون منه إفادةُ ما ينبغي لا لعوض وإن كانت الإفادة بإرادة، فمرجع الجود إلى التماميّة وفوقِها، ومناطيّة الانكشاف. وأمّا النسبة التابعة ۳ المتأخّرة، فليست معتبرةً فيه، إنّما هي تتبعه ، ولذا يُعدّ من صفات الذات.