371
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۵.عدّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد البرقيّ ، عن محمّد بن عيسى ، عن المشرقي حمزةَ بن المُرْتَفِعِ ، عن بعض أصحابنا ، قالَ :كنتُ في مجلسِ أبي جعفر عليه السلام إذ دَخَلَ عليه عَمْرُو بنُ عُبيدٍ ، فقال له : جعلتُ فداك ، قولُ اللّه تبارك وتعالى : « وَ مَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِى فَقَدْ هَوَى » ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : «هو العقابُ ، يا عمرو ، إنّه من زعَم أنّ اللّه َ قد زالَ من شيء إلى شيء فقد وَصَفَه صِفَةَ مخلوقٍ ، وإنّ اللّه َ تعالى لا يَستَفِزُّهُ شيءٌ فيُغَيِّرَهُ» .

۶.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن أبيه ، عن العبّاس بن عَمْرٍو ، عن هِشام بن الحَكَم في حديث الزنديق الذي سألَ أبا عبداللّه عليه السلام فكان من سؤاله أن قال له :فله رضا وسَخَطٌ؟ فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «نعم ، ولكن ليس ذلك على ما يوجَدُ من المخلوقين ؛ وذلك أنّ الرضا حالٌ تَدخُلُ عليه فتَنْقُلُه من حال إلى حال ؛ لأنّ المخلوق أجوفُ ، مُعتَمِلٌ ، مركّبٌ ، للأشياء فيه

قوله: (هو العقاب) أي ليس فيه سبحانه قوّةُ تغيّرٍ من حالة إلى حالة يكون إحداهما رضاه، والاُخرى غضبه، إنّما اُسند إليه الغضب باعتبار صدور العقاب عنه، فليس التغيّر إلاّ في فعله.
وقوله: (من زعم أنّ اللّه قد زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفةَ مخلوق) أي وَصْفَ مخلوق من إضافة المصدر إلى المفعول ۱ ، وذلك لما بيّن من أنّ القابليّة لصفة لا تجامع وجوب الوجود. وإليه أشار بقوله: (وإنّ اللّه تعالى لا يستفزّه شيء) أي لا يستخفّه ولا يجده خاليا عمّا يكون قابلاً له (فيغيّره) بالحصول له تغييرَ الصفةِ لموصوفها.
قوله: (وذلك أنّ الرضا حال يدخل عليه) ۲ أي يدخل على الراضي من الخلق (فينقله من حال إلى حال) حيث كان قبل الرضا قابلاً له، ثمّ اتّصف به بالفعل وذلك يصحّ فيه (لأنّ المخلوق أجوفُ) ، له قابليّة ما يحصل فيه ويدخله (معتملٌ) يعمل

1. في حاشية «ت»: والصفة تطلق أيضا على معنى حاصل في الموصوف، بخلاف الوصف، فإنّه مخصوص بالمعنى المصدري.

2. في «خ»: «تدخل».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
370

۴.عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمير ، عن عُمَرَ بنِ اُذَيْنَةَ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :«خلَق اللّه ُ المشيئةَ بنفسها ، ثمّ خلَق الأشياءَ بالمشيئة» .

بالمراد «فيكون» بلا لفظ؛ إذ لا موجود إلاّ بالإيجاد، وبلا نطق بلسان؛ لاستحالة الآلات، ولا همّةٍ وقصدٍ يدخل فيه، ولا تفكّرٍ؛ لاستحالة كونه بصفة المخلوق من دخول شيء فيه سبحانه واتّصافِه بصفة زائدة لها لا محالة مهيّة ممكنة، واستحالةِ التغيّر فيه من حال إلى حال.
وقوله: (ولا كيف لذلك كما أنّه لا كيف له) أي لا صفة حقيقيّة لقوله ذلك وإرادته، كما لا أجزاء ذهنيّة يمكن أن يُعرف بها؛ فإنّ التعريف إنّما يكون بالمعاني الحاصلة في النفوس، وهي كلُّها من المهيّات الممكنة المسبوقة بالإحداث والإرادة، وهي ممّا يصحّ تعلّق الإرادة والإحداث بها وتباين الإحداث والإرادة، فكما لا كيف له سبحانه يُعرف به ، لا كيف لإرادته وإحداثه يصلح لأن يعرف به، إنّما يعرف بسلوب وإضافات كما يُعرف ذاته بها نحوا من المعرفة.
قوله: (خلق اللّه المشيّة بنفسها ۱ ثمّ خلق الأشياء بالمشيّة) أي أبدع المشيّة واخترعها بنفسها لا بمشيّة اُخرى، فكانت المشيّة أوّلَ صادر عنه، ثم أبدع الأشياء المرادة بالمشيّة، فكان صدور الأشياء عنه بعد صدور المشيّة عنه.
ولمّا كان بين المشيّة والمراد مراتبُ ـ كما ستطّلع عليه ـ أتى بلفظة «ثمّ» الدالّةِ على التراخي. وإطلاق الخلق هنا ۲ بمعناه الأعمّ ۳ ، ولذا صحّ إسناده ۴ بالمشية التي هي من عالم الأمر لا من عالم الخلق.

1. في حاشية «ت»: كون المشيّة مخلوقةً له تعالى مجازٌ، والمعنى أنّه تعالى منشأ للمشيّة ومصدرها، وكذا في سائر الصفات؛ فافهم كذا أُفيد.

2. في «خ»: «هاهنا».

3. في حاشية «ت»: أي أعمّ من عالم الأمر وعالم الخلق وعالم يشمل المجرّدات والانكشافات والإحداث والإيجاد مثلاً .

4. في «خ»: «استناده»، وفي «ل»: «إسنادها».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5980
صفحه از 672
پرینت  ارسال به