369
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.الحسن عليه السلام : أخبِرْني عن الإرادةِ من اللّه ومن الخلق؟ قال : فقال : «الإرادةُ من الخلقِ الضميرُ وما يَبْدُو لهم بعد ذلك من الفعل ، وأمّا من اللّه تعالى فإرادتُه إحداثُه لا غيرُ ذلك ؛ لأنّه لا يُرَوِّي ولا يَهمُّ ولا يَتَفَكَّرُ ، وهذه الصفات منفيّةٌ عنه ، وهي صفات الخلق ، فإرادةُ اللّه ، الفعلُ ، لا غيرُ ذلك ، يقول له : كن فيكون بلا لفظٍ ولا نطقٍ بلسانٍ ولا همّةٍ ولا تَفَكُّرٍ ولا كيفٍ لذلك ، كما أنّه لا كيفَ له» .

وقوله: (وما يبدو لَهم بعد ذلك من الفعل) يحتمل أن يكون جملةً معطوفة على الجملة السابقة، والظرف خبرا للموصول.
ويحتمل أن يكون الموصول معطوفا على قوله: «الضميرُ» ويكون من عطف المفرد على المفرد، ويكونَ قوله: «من الفعل» بيانا للموصول.
والمعنى على الأوّل أنّ الإرادة من الخلق: الضميرُ الذي يدخل في قلبهم والذي يكون لهم بعد ذلك من الفعل لا من إرادتهم.
وعلى الثاني أنّ إرادتهم مجموعُ ضميرٍ يحصل في قلبهم وما يكون لهم من الفعل المترتّب عليه، والمقصود هنا بالفعل ما يشمل الشوق إلى المراد وما يتبعه من التحريك إليه والحركة، فالإرادة من الخلق حالة حادثة في ذواتهم حاصلةٌ في ذواتهم بدخولها فيهم وقيامها بهم بعد خلوّهم بذواتهم عنها.
وأمّا الإرادة من اللّه فيستحيل أن تكون كذلك، فإنّه يتعالى عن أن يقبل شيئا زائدا على ذاته، ويدخله ما يزيد عليه ويغايره، إنّما إرادته المرجّحة للمراد من مراتب الإحداث لا غير ذلك؛ إذ ليس في الغائب إلاّ ذاته الأحديّة، ولا يتصوّر هناك كثرةُ معانٍ، ولا له بعد ذاته وما لذاته بذاته إلاّ ما ينسب إلى الفعل ممّا لا يدخله ولا يجعله بحالة وهيئة له مغايرةٍ لحالة وهيئةٍ اُخرى يصحّ عليه دخولُ هذه فيه أو تلك؛ فإنّ الاتّصاف بالصفات الحقيقية الزائدة إنّما هو من شأن المخلوق لا الخالق ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا. فإرادة اللّه سبحانه من مراتب الفعل المنسوب إليه، لا غير ذلك.
وقوله: (يقول له: كن فيكون) أي إحداثه قوله سبحانه: «كن» قولاً متخصّصا


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
368

۰.اللّه دليلٌ على أنّه لم يَشَأْ ، فإذا شاءَ كانَ الذي شاءَ كما شاء ، وعِلْمُ اللّه ِ السابقُ للمشيئة» .

۳.أحمدُ بن إدريسَ ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن صفوانَ بن يحيى ، قال :قلتُ لأبي

هو مناط الانكشاف، والمشيَّة مخصِّصة المنكشف برجحان الوقوع والصدور، فمن المعلوم ما يشاء، ومنه ما لا يشاء.
وقوله: (فقولك «إن شاء اللّه » دليل على أنّه لم يشأ) أي على أنّه لم يكن بذاته مناطَ المشيّة ، أي التخصيص والترجيح المتعلّق بأحد الطرفين، بل هو بذاته مناط لما به يصحّ أن يكون شائيا، وأن لا يكون.
وقوله: (فإذا شاء كان الذي شاء) أي إذا اتّصف بالمشيّة بعدما لم يكن بذاته شائيا ومناطا للمشيّة كان الذي شاء ـ أي وُجد متعلّق المشيّة ـ وترتّب وجوده على المشيّة بشروط الترتّب على وفق استدعائها لوجوده وترجيحها له.
قوله: (وعلْم اللّه السابقُ المشِيَّةُ ۱ ) أي علم اللّه هو الذي يسبق المشيّة ويتقدّمها . ويحتمل إعمال «السابق» ونصب «المشيّة» وإضافة «السابق» إلى «المشيّة» من باب «الضارب الرجل». وللكلام وجهٌ آخرُ لا يخلو عن بُعد، وهو كون «السابق» صفةً لقوله: «علْم اللّه » و «المشيّة» خبرا له، ويكون المعنى؛ علم اللّه السابق إلى المعلوم ـ بترجيح وجوده من حيث هو سابق إليه ومرجّح له بما يلحقه بعدما لم يكن بذاته مناطا لهذه الجهة، كما هو بذاته مناط للعلم ـ هو المشيّةُ.
قوله: (أخبرني عن الإرادة من اللّه ومن الخلق).
الظاهر أنّ المراد بالإرادة مخصِّص أحد الطرفين وما به يرجِّح القادر أحدَ مقدورَيْه على الآخر، لا ما يُطلق في مقابل الكراهة ، كما يقال: يريد الصلاح والطاعة ويَكره الفَسادَ والمعصية.
والجواب: أنّ (الإرادة من الخلق الضمير) أي أمر يدخل خواطرَهم وأذهانَهم، ويوجَد في نفوسهم، ويحلّ فيها بعدما لم يكن فيها وكانت هي خاليةً عنه.

1. في الكافي المطبوع: «للمشيئة».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5976
صفحه از 672
پرینت  ارسال به