367
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

باب الإرادة أنّها من صفات الفعل وسائر صفات الفعل

۱.محمّدُ بن يحيى العطّار ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى الأشعريّ ، عن الحسين بن سعيد الأهوازيّ ، عن النضر بن سُوَيْدٍ ، عن عاصم بن حُمَيد ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :قلت : لم يَزَلِ اللّه ُ مريدا؟ قال : «إنّ المريدَ لا يكونُ إلاّ لمرادٍ معه ، لم يَزَلِ اللّه ُ عالما قادرا ثمَّ أرادَ» .

۲.محمّد بن أبي عبداللّه ، عن محمّد بن إسماعيلَ ، عن الحسين بن الحسن ، عن بَكْر بن صالح ، عن علي¨ بن أسباط ، عن الحسن بن الجَهْمِ ، عن بُكير بن أعْيَنَ ، قال :قلتُ لأبي عبداللّه عليه السلام : «عِلْمُ اللّه ِ ومَشيئتُه هما مختلفان أو متّفقان؟ فقال : «العلمُ ليس هو المشيئةَ ، ألاترى أنّك تقول : سأفعلُ كذا إن شاء اللّه ، ولا تقولُ : سأفعلُ كذا إن عَلِمَ اللّه ُ ؛ فقولُك إن شاء

باب الإرادة أنّها من صفات الفعل
قوله: (إنّ المريد لا يكون إلاّ المراد ۱ معه) أي لا يكون المريد بحال إلاّ حالَ كون المراد معه، ولا يكون مفارقا عن المراد ۲ . وحاصله أنّ ذاته سبحانه مناط لعلمه وقدرته، أي صحّة الصدور واللاصدور بأن يريد فيفعل، وأن لا يريد فيترك، فهو بذاته مناط لصحّة الإرادة وصحّة عدمها، فلا يكون بذاته مناطا للإرادة وعدمها، بل المناط فيها الذات مع حال المراد، فالإرادة أي المخصِّصة لأحد الطرفين لم تكن من صفات الذات، فهو بذاته عالم قادر مناط لهما، وليس بذاته مريدا مناطا لها، بل بمدخليّة مغاير متأخّر عن الذات، وهذا معنى قوله: (لم يزل عالما قادرا ثمّ أراد).
قوله: (العلم ليس هو المشيّةَ، ألا ترى أنّك تقول: سأفعل كذا إن شاء اللّه تعالى ولا تقول: سأفعل ۳ كذا إن علم اللّه ) أي ليس معنى المشيّة معنى العلم بعينه؛ فإنّ العلم

1. في الكافي المطبوع: «لمراد».

2. في حاشية «ت»: ولا ينافي هذا قوله : إنّ الإرادة عين الذات؛ لأنّ معناه أن لا تكون زائدة على الذات، وهاهنا كذلك وصفات الذات منقسمة إلى أن يكون الذات مناطا لها وأن لا يكون كما في الإرادة التي هي من صفات الفعل، وصفات الفعل بالاصطلاح الذي سيجيء في هذا الباب.

3. في حاشية «ت» : «سأعلم» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
366

۲.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن أبيه ، عن العبّاس بن عَمْرٍو ، عن هِشام بن الحَكَم ، قال في حديث الزنديق الذي سَألَ أبا عبداللّه عليه السلام :أنّه قال له : أتقولُ : إنّه سميعٌ بصيرٌ؟ فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «هو سميعٌ بصيرٌ ، سميعٌ بغير جارحةٍ ، وبصيرٌ بغير آلةٍ ؛ بل يَسمَعُ بنفسه ، ويُبصِرُ بنفسه ، وليس قولي : إنّه سميعٌ بنفسه أنّه شيءٌ والنفسُ شيءٌ آخَرُ ، ولكنّي أردتُ عبارةً عن نفسي إذ كنتُ مسؤولاً ، وإفهاما لك إذ كنتَ سائلاً ، فأقول : يَسمَعُ بكلّه ، لا أنّ كلَّه له بعضٌ ؛ لأنّ الكلَّ لنا له بعضٌ ، ولكن أردتُ إفهامَك والتعبيرُ عن نفسي ، وليس مَرْجِعي في ذلك كلِّه ، إلاّ أنّه السميعُ البصيرُ العالمُ الخبيرُ ، بلا اختلافِ الذات ولا اختلافِ معنىً» .

وقوله: (تعالى اللّه إنّما يعقل ما كان بصفة المخلوق) أي تعالى اللّه عن أن يتّصف بما يحصل ويرتسم في العقول والأذهان؛ لأنّه لا يُحاط بالعقول إلاّ ما كان بصفة المخلوق وكان مهيّته ممكنةَ الوجود، والاتّصافُ بما كان كذلك إنّما يليق بما هو بصفته من المهيّات الممكنة (وليس اللّه كذلك).
قوله: (وليس قولي: إنّه يسمع بنفسه أنّه شيء والنفس شيء آخَرُ) أي ليس إضافة النفس إليه سبحانه كإضافة النفس إلينا؛ فإنّها تطلق فينا على ما يغاير البدن، وتضاف إلى شخص بمعنى البدن ، وبمعنى المجموع وهي غيرهما، ولكنّي أردت التعبير بعبارة عمّا في نفسي، ولعَوَز العبارة أتيت بلفظ النفس على طباق ما يورد في بدل الكلّ؛ إذ كنتُ مسؤولاً محتاجا إلى التعبير عن الجواب، وأردت إفهامك؛ إذ كنتَ سائلاً، ولا يتيسّر بدون العبارة، فأتيت بها إفهاما لك فاُقيم مُقام تلك العبارة معناها، وأقول: يسمع بكلّه لا كما يستعمل الكلّ فينا؛ لأنّه كله كلٌّ لا بعضَ له، وكلَّنا كلٌّ لنا بكلّيّتنا بعضٌ (ولكن أردت إفهامك والتعبير عمّا في نفسي وليس مرجعي في ذلك كلّه) ومرادي بالتعبير بهذه العبارة (إلاّ أنّه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات، ولا اختلاف معنى) بل المناط فيها كلّها ذاته الأحديّة.

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5820
صفحه از 672
پرینت  ارسال به