365
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.بغير الذي يُبْصِرُ ، ويُبْصِرُ بغير الذي يَسمَعُ ، قال : فقال : «كَذَبوا وألحدوا وشَبَّهوا ، تعالى اللّه ُ عن ذلك ، إنّه سميعٌ بصيرٌ ، يَسمَعُ بما يُبصِرُ ، ويُبصِرُ بما يَسمَعُ» . قال : قلتُ : يَزْعُمونَ أنّه بصيرٌ على ما يَعقِلونَه، قال: فقال: «تعالى اللّه ، إنّما يَعْقِلُ ما كان بصفة المخلوق، وليس اللّه كذلك».

المشاركة؛ لتشخّصه بذاته، وبصمديّته كونُه غيرَ محتمل لأن يحلّه غيرُه، فلا يصحّ عليه الخلوّ عمّا يمكن أن يدخل فيه، وبأحديّته أن لا يصحّ عليه الائتلاف من معانٍ متعدّدة، أو الانحلال إليها.
وقوله: «ليس بمعانٍ كثيرة» تفسير لأحديّ المعنى. ويحتمل أن يكون بمنزلة المفسِّر لكلّ واحد من الثلاثة، فإنّ ما يصحّ عليه المشاركة يكون لا محالة له حقيقة وتشخّص متغايران، وما يصحّ عليه القبول لشيء وحلولُ الشيء فيه يكون مستكملاً بمعانٍ كثيرة مختلفة، والأخير ظاهر؛ فبنفي المعاني الكثيرة المختلفة يتصحّح الواحديّة والصمديّة والأحديّة.
وقوله: (إنّه يسمع بغير الذي يبصر، ويبصر بغير الذي يسمع) أي مناط الإبصار فيه غيرُ مناط السمع، وبالعكس.
ولمّا كان هذا إنّما يصحّ بالتألّف والتركّب ردَّ عليهم بقوله: (كذبوا وألحدوا وشبّهوا) أي قالوا بما لا يطابق الواقع، ومالوا عمّا هو الحقّ في توحيده سبحانه من أحديّته، وشبّهوه بمخلوقه (تعالى اللّه عن ذلك) علوّا كبيرا.
ثمّ صدع بالحقّ وقال (يسمع بما يبصر، ويبصر بما يسمع) أي مناطهما فيه سبحانه واحد، ويصحّ على مناط إبصاره أن يكون مناطا لسمعه، ويصحّ على مناط سمعه أن يكون مناطَ إبصاره، فلا يستدعي الاختلاف بينهما ـ حيث لم يصحّ تعلّق أحدهما بمتعلّق الآخر ـ اختلافَ مناطهما فيه سبحانه؛ فإنّه مناط لكلّ واحد منهما بذاته الأحديّة.
وقوله: (يزعمون أنّه بصير على ما يعقلونه) أي من إبصارهم وإبصار أشباههم للمبصَرات.


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
364

باب آخر وهو من الباب الأوّل

۱.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن حمّادٍ ، عن حَريز ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال في صفة القديم :«إنّه واحدٌ صمدٌ ، أحَدِيُّ المعنى ، ليس معانٍ كثيرةٍ مختلفةٍ» . قال : قلتُ : جُعِلتُ فداك ، يَزعُمُ قومٌ من أهلِ العراق أنّه يَسمَعُ

وثانيهما: أنّ تعلّق العلم بشيء يستدعي انكشاف ذلك الشيء، وانكشافُ الشيء يستدعي نحوَ حصول له، وكلّ حصول ووجودٍ لغيره سبحانه مستندٌ إليه سبحانه، فيكون من فعله، فيكون معه في الأزل شيء من فعله.
وأجاب عليه السلام بأنّه لم يزل اللّه عالما ، ولم يلتفت إلى بيان فَساد مُتمسَّك نافيه؛ لأنّه أظهر من أن يحتاج إلى البيان؛ فإنّه على الأوّل مبنيّ على كون العلم فعليا، وهو ممنوع، ولو سلّم فلا يستلزم فعليّةُ العلم عدمَ انفكاك المعلوم عنه عينا، بمعنى عدم مسبوقيّته بعدمٍ زماني، أو كونَ المعلوم في مرتبة العالم. وعلى الثاني مبنيّ على كون الصور العلميّة صادرةً عنه صدورَ الاُمور العينيّة، فيكون من أقسام الموجودات العينيّة ومن أفعاله سبحانه، وهو ممنوع؛ فإنّ الصور العلميّة توابع غير عينيّة لذات العالم، ولا تحصل لها عدا الانكشاف لدى العالم، ولاحظَّ لها من الوجود والحصول العيني أصلاً، ولا مسبوقيّة لها إلاّ بذات العالم، لكنّها ليست في مرتبة ذاته، ولا يجب فيها نحو التأخّر الذي للأفعال الصادرة عن المبدأ بالإيجاد.
قوله: (إن أثبتنا أنّه لم يزل عالما بأنّه لا غيره، فقد أثبتنا معه غيره في أزليّته).
هذا استدلال منهم على امتناع أزليّة علمه سبحانه بتوحّده ووجوده منفرداليس معه غيره بأنّه يوجب علمه بذلك وجودَ غيره معه فيأزليّته، وقد عرفت حاله ممّا سبق.
ولمّا كان الاستدلال ظاهر السخافة، اكتفى عليه السلام في الجواب بأزليّة علمه سبحانه ، ولم يتعرّض لإبطال دليلهم.

باب آخَرُ وهو من الباب الأوّل

قوله: (إنّه واحد صمد، أحديُّ المعنى، ليس بمعانٍ كثيرةٍ مختلفة) .
لعلّ المراد بوحدته أن لا يشاركه غيرُه في حقيقته، بل أن لا يجوز عليه

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5881
صفحه از 672
پرینت  ارسال به