363
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۶.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عبدالصمد بن بَشير ، عن فُضَيل بن سُكَّرَةَ ، قال :قلتُ لأبي جعفر عليه السلام : جُعِلتُ فداك ، إن رأيتَ أن تُعَلِّمَني هل كانَ اللّه ُ ـ جلَّ وَجْهُه ـ يَعْلَمُ قبلَ أن يَخلُقَ الخَلْقَ أنّه وحدَه؟ فقد اختَلَفَ مواليك ، فقال بعضهم : قد كان يَعلمُ قبل أن يَخلُقَ شيئا من خَلْقه ، وقالَ بعضهم : إنّما معنى يَعلَمُ : يَفْعَلُ ، فهو اليومَ يَعلمُ أنّه لا غيرُه قَبلَ فِعْلِ الأشياء ، فقالوا : إن أثْبَتْنا أنّه لم يَزَلْ عالما بأنّه لا غيرُه فقد أثْبَتْنا معه غيرَه في أزليّته؟ فإنْ رأيتَ يا سيّدي أن تُعلّمني ما لا أعْدُوه إلى غيره؟ فكَتَبَ عليه السلام : «ما زالَ اللّه ُ عالما ، تباركَ وتعالى ذِكْرُه» .

أنفسنا وقصورها عمّا لا يعجز ولا يقصر عنه الغائب لغاية تقدّسه ۱ وتنزّهه، بخلاف أنفسنا، فنقول: يكون ذاته سبحانه مناطا لجميع أنحاء الانكشافات، فيكون عالما بنحو الإدراك الجزئي كما هو عالم بنحو الإدراك الكلّي، والوجودُ الظلّي والمثالي اللازم للانكشاف للأشخاص لا يتوقّف على المادّة العينيّة وتوابعها، فيصحّ قبل الخلق كما يصحّ بعده، فهو لم يزل عالم بجميع الأشياء كلّيّاتها وجزئياتها، لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماء ولا في الأرض.
فإن قلت: كيف يصحّ اجتماع الاُمور المتناهية المثاليّة في حصولها ووجودها الظلّي؟
قلت: لا استحالة فيه؛ لعدم الترتّب بين الاُمور غير المتناهية إلاّ بين مبادئها المتناهية وَذَوِيها، فلا يجري فيها شيء من الأدلّة.
قوله: (لأنّ معنى يعلم يفعل).
هذا الكلام يحتمل وجهين:
أحدهما: أنّ تعلّق علمه بشيء يوجب وجود ذلك الشيء وتحقُّقَه، فلو كان لم يزل عالما؛ كان لم يزل فاعلاً، فكان معه شيء في الأزل في مرتبة علمه، أعني ذاتَه أو غير مسبوق بعدمٍ زماني، وهذا على تقدير كون علمه فعليّا.

1. في «خ»: «لتقدّسه».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
362

۵.عليُّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمّد بن حمزةَ ، قال :كتبتُ إلى الرجل عليه السلام أسأله : أنّ موالِيَكَ اختَلَفوا في العلم ، فقال بعضُهم : لم يَزَلِ اللّه ُ عالما قبلَ فعْلِ الأشياء ، وقال بعضُهم : لا نقول : لم يَزَلِ اللّه ُ عالما ؛ لأنّ معنى يَعْلَمُ: يَفْعَلُ ، فإنْ أثبَتْنا العلمَ فقد أثبَتْنا في الأزل معه شيئا ، فإن رأيتَ ـ جعلني اللّه ُ فِداك ـ أن تُعَلِّمَني من ذلك ما أقِفُ عليه ولا أجوزُه؟ فكتب عليه السلام بخطّه : «لم يَزَلِ اللّه ُ عالما ، تبارَكَ وتعالى ذِكْرُه» .

بعد ما خلق الأشياء) أي كان اللّه تعالى عالما بكلّ شيء قبل أن يخلقه ، كعلمه به بعد خلقه بلا اختلاف وتفاوت في العلم والانكشاف قبل الخلق وبعده، فلا يحصل بالحضور الوجودي زيادةٌ في الانكشاف، ولا يحصل به شيء له لم يكن قبله، إنّما الاختلاف للمعلول بالوجود العيني وعدمه.
فإن سألت عن علمه سبحانه بالأشخاص العينيّة بخصوصياتها الشخصيّة: ولا ريب في صحّته بعد الخلق بحضورها العيني، وأمّا قبل الخلق فكيف يصحّ؟! ولو لم يصحّ فكيف يقال بعدم التفاوت مع القول بحصوله بعد الخلق؟! فلابدّ من أحد أُمور:
أوّلها: تصحيح العلم بالأشخاص على النحو الشخصي قبل الوجود.
وثانيها: التفاوت بينهما بحصوله بعد الخلق وعدمه قبله، وحمل عدم الاختلاف على عدمه في أصل العلم لا في نحوه.
وثالثها: عدم حصوله بعد الخلق أيضا ، فاستمع لما يتلى عليك.
واعلم أنّ اختلاف الكلّي والجزئي في العلم بنحو الإدراك لا في المدرَك، فلا تفاوت في المعلوم المدرَك بنحو الإدراك الكلّي أو الجزئي، إنّما الاختلاف في نحو الإدراك، ونحوُ الإدراك الجزئي لا يشترط بالوجود العيني في الغائب كما لا يشترط به في الحاضر؛ فإنّا نعلم أنّ لنا أن نحكم على الأشخاص المعدومة عينا، ولا يختلف الغائب والحاضر في ذلك، إنّما الاختلاف بينهما في اشتراطه في الحاضر ـ إذا كان جزئيّا مادّيّا مغايرا للعالم ـ بآلات وقُوىً ، وعدمِ اشتراطه في الغائب بها؛ لعجز

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6059
صفحه از 672
پرینت  ارسال به