۶.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عبدالصمد بن بَشير ، عن فُضَيل بن سُكَّرَةَ ، قال :قلتُ لأبي جعفر عليه السلام : جُعِلتُ فداك ، إن رأيتَ أن تُعَلِّمَني هل كانَ اللّه ُ ـ جلَّ وَجْهُه ـ يَعْلَمُ قبلَ أن يَخلُقَ الخَلْقَ أنّه وحدَه؟ فقد اختَلَفَ مواليك ، فقال بعضهم : قد كان يَعلمُ قبل أن يَخلُقَ شيئا من خَلْقه ، وقالَ بعضهم : إنّما معنى يَعلَمُ : يَفْعَلُ ، فهو اليومَ يَعلمُ أنّه لا غيرُه قَبلَ فِعْلِ الأشياء ، فقالوا : إن أثْبَتْنا أنّه لم يَزَلْ عالما بأنّه لا غيرُه فقد أثْبَتْنا معه غيرَه في أزليّته؟ فإنْ رأيتَ يا سيّدي أن تُعلّمني ما لا أعْدُوه إلى غيره؟ فكَتَبَ عليه السلام : «ما زالَ اللّه ُ عالما ، تباركَ وتعالى ذِكْرُه» .
أنفسنا وقصورها عمّا لا يعجز ولا يقصر عنه الغائب لغاية تقدّسه ۱ وتنزّهه، بخلاف أنفسنا، فنقول: يكون ذاته سبحانه مناطا لجميع أنحاء الانكشافات، فيكون عالما بنحو الإدراك الجزئي كما هو عالم بنحو الإدراك الكلّي، والوجودُ الظلّي والمثالي اللازم للانكشاف للأشخاص لا يتوقّف على المادّة العينيّة وتوابعها، فيصحّ قبل الخلق كما يصحّ بعده، فهو لم يزل عالم بجميع الأشياء كلّيّاتها وجزئياتها، لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماء ولا في الأرض.
فإن قلت: كيف يصحّ اجتماع الاُمور المتناهية المثاليّة في حصولها ووجودها الظلّي؟
قلت: لا استحالة فيه؛ لعدم الترتّب بين الاُمور غير المتناهية إلاّ بين مبادئها المتناهية وَذَوِيها، فلا يجري فيها شيء من الأدلّة.
قوله: (لأنّ معنى يعلم يفعل).
هذا الكلام يحتمل وجهين:
أحدهما: أنّ تعلّق علمه بشيء يوجب وجود ذلك الشيء وتحقُّقَه، فلو كان لم يزل عالما؛ كان لم يزل فاعلاً، فكان معه شيء في الأزل في مرتبة علمه، أعني ذاتَه أو غير مسبوق بعدمٍ زماني، وهذا على تقدير كون علمه فعليّا.