۰.مقدورَ ، فلمّا أحدَثَ الأشياءَ وكان المعلومُ وَقَعَ العلمُ منه على المعلومِ ، والسمعُ على المسموعِ ، والبصرُ على المبصر ، والقدرةُ على المقدور» . قال : قلت : فلم يَزَلِ اللّه ُ متحرِّكا؟ قال : فقال : «تعالى اللّه ُ عن ذلك ، إنَّ الحركةَ صفةٌ مُحدَثَةٌ بالفعل» . قال : قلت : فلم يَزَلِ اللّه ُ متكلِّما؟ قال : فقال : «إنَّ الكلامَ صفةٌ مُحْدَثَةٌ ليستْ بأزليّةٍ ، كانَ اللّه ُ ـ عزّ وجلّ ـ ولا متكلِّمَ» .
وإن لم يشأ لم يفعل، وهي فينا كيفيّاتٌ وقُوىً قائمة بذواتنا وأنفسنا، ولا كذلك في حقّه سبحانه، إنّما مناط هذه الاُمور ثَمَّةَ ذاتُه الاحديّة المقدّسة عن شَوْب الكيفيّات والقُوى والعوارض والطوارئ، فهو سبحانه موصوف بها بذاته، ولا يُسلب شيء منها عنه بالنسبة إلى شيء ممّا يصحّ نسبته إليه، فلا يكون عالما بشيء وغيرَ عالم بشيء يصحّ عليه المعلوميّةُ، ولا يكون سميعا بشيء وغيرَ سميع بشيء يصحّ عليه المسموعيّة، وبصيرا بشيء وغير بصير بشيء يصحّ عليه المبصَريّة، وقادرا على شيء وغيرَ قادر على شيء يصحّ عليه المقدوريّة؛ فهي صفات الذات، وللذات بذاته المناطيّة فيها، ولا مدخل للغير فيه.
وقوله: (قلت: فلم يزل اللّه متحرّكا ؟) سؤال عن كونه منتقلاً من حال إلى حال كذلك والجواب نفي جواز اتّصافه بالحركة؛ لكونها محدَثة بالفعل، أي بالإيجاد والتأثير، فتكون من الموجودات الزائدة على الذات، لا من السلوب والإضافات، فلا يمكن اتّصافه بها، فضلاً عن أن يتّصف بها لذاته.
وقوله: (قلت: فلم يزل اللّه متكلّما) سؤال عن كون الكلام من صفاته الحقيقية الذاتيّة. والجواب أنّ الكلام صفة محدَثة غير أزليّة، والكلام فيه كالكلام في الحركة، فلا اتّصاف له به حقيقةً، لا أزلاً، ولا فيما لا يزال، والاتّصافُ به فيما لا يزال إنّما يكون بالاتّصاف بالإضافة إليه؛ حيث لا يُعتبر في كون الكلام كلامَه قيامُ الكلام به، كما هو في الحاضر، وذلك بخلاف الحركة؛ حيث يعتبر في كونها حركةً للمتحرّك بها قيامُها به.