355
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.فقال أبوعبداللّه عليه السلام : «ويحه، أما عَلِمَ أنّ الجسمَ محدودٌ مُتناهٍ، والصورة محدودةٌ متناهيةٌ، فإذا احتَمَلَ الحدَّ احْتَمَلَ الزيادةَ والنقصانَ ، وإذا احتَمَلَ الزيادةَ والنقصانَ كانَ مخلوقا» . قال : قلتُ : فما أقولُ؟ قال : «لا جسمٌ ولا صورةٌ ، وهو مُجَسِّمُ الأجسامِ ومُصَوِّرُ الصُوَرِ ، لم يَتجزّأْ ولم يَتَناهَ ولم يَتَزايَدْ ولم يَتَناقَصْ ، لو كانَ كما يقولونَ لم يَكُنْ بينِ الخالقِ والمخلوقِ فرقٌ ، ولا بينَ المنشِئِ والمنشَأ ، لكن هو المنشئُ ، فَرْقٌ بينَ مَن جَسَّمَه وصَوَّرَه وأنْشَأَهُ ؛

والحقيقة القائمة بذاتها المتغايرة للأفعال من غير اعتبار التقدّر والتحدّد، وكذا جوابه عليه السلام بقوله: (أما علم أنّ الجسم محدود متناهٍ) فهو مخطئ في إطلاق الجسم على كلّ حقيقة قائمة بالذات ولو لم يكن ممّا يصلح للتقدّر والتحدّد، لا فيما ربما يُنسب إليه من تجويز التقدّر والتحدّد عليه سبحانه؛ فإنّه بريء عنه.
وقوله: (فإذا احتمل الحدّ احتمل الزيادة والنقصان) استدلالٌ على أنّ كلّ محتمل للحدّ مخلوقٌ بأنّه متقدّر، قابل للانقسام بأجزاء مشاركة في الاسم والحدّ، فله حقيقة كلّية غير متشخّصة بذاتها، ولا موجودة بذاتها، أو هو مركّب من أجزاءٍ حالُ كلّ واحد منها ما ذُكر، فيكون مخلوقا.
وقوله: (قلت: فما أقول ؟) أي فما التعبير والإطلاق الصحيح؟ والجواب أنّ الصحيح نفي الجسم والصورة عنه سبحانه، وإطلاق مُجسِّم الأجسام ومصوِّر الصور عليه.
وقوله: (لم يتجزّأ ولم يتناهَ ولم يتزايد، ولم يتناقص) إعادة للدليل على عدم صحّة إطلاق الجسم عليه.
وقوله: (لو كان كما يقولون) أي من يظنّ صحّة هذا الإطلاق والقولِ بعد معرفة معنى الجسم والصورة (لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق، ولا بين المنشئ والمنشأ) أي يكون بحقيقته محتاجا، فيكون مخلوقا ومُنشَأً، لا خالقا ومُنشِئا على الإطلاق (لكن هو المنشئ) والخالق على الإطلاق، لا المُنشأ والمخلوق (فرَّق بين من جسّمه) أي بين من جسّمه ۱ (وصوّره وأنشأه) وبين من لم يُجسّمه ولم يصوّره،

1. في «خ، ل»: - «أي بين من جسّمه».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
354

۶.محمّد بن أبي عبداللّه ، عن محمّد بن إسماعيلَ ، عن الحسين بن الحسن ، عن بَكْرِ بن صالح ، عن الحسن بن سعيد ، عن عبداللّه بن المغيرة ، عن محمّد بن زياد ، قال :سمعتُ يونُسَ بن ظَبيانَ يقول : دخلتُ على أبي عبداللّه عليه السلام فقلتُ له : إنّ هِشامَ بن الحكم يقول قولاً عظيما إلاّ أنّي أختَصِرُ لك منه أحرفا : فَزَعَمَ أنّ اللّه َ جِسْمٌ لأنَّ الأشياءَ شيئان : جسمٌ وفعلُ الجسم ، فلا يجوز أن يكون الصانعُ بمعنى الفعلِ ويَجوزُ أن يكونَ بمعنى الفاعل .

وثانيهما: أن يحمل السؤال على أنّه هل يجوز أن يقال: إنّه سبحانه جسم، أو يطلق فيه الصورة كما يحكى عن هشام بن الحكم وهشام بن سالم؟ وهل يجوز لغةً حقيقة أو مجازا أو اصطلاحا ولو من قِبَل القائل نفسِه ؟ وهل المراد المعاني الظاهريّةَ أو غيرَها ؟
والجواب على أنّه دع التحيّر ، وادفعه عنك، واستعذ باللّه من وسوسة الشيطان لك بسوء الظنّ بهما بإرادة المعاني الظاهرة، أو بجواز الجهل في أمثاله وترك الهداية من الأئمّة لشيعتهم وخواصّهم، إنّما يحكى عنهم ۱
إطلاق الألفاظ لا بمعانيها الظاهرة، وهذا غلط منهما لو صحّ النقل في التعبير والقول ۲ حيث قالا وأطلقا ألفاظا لم توضَع لما أرادوا ولم يقع إعلام بالإرادة، لا يجوز أن يقال هذا القولَ «وليس القول ما قاله الهشامان» على ما يحكى عنهما ويُظنّ بهما، إنّما يجوز استعمال الألفاظ عند تعليم المعارف في المعاني الحقيقيّة، أو المَجازاتِ الظاهرةِ القرائن لغةً، أو المعاني الاصطلاحيّة الواضحة عند السامع، أو مجازاتها ۳ الشائعة الظاهرة القرائن، وأمّا غيرها فلا.
قوله: (فزعم أنّ اللّه جسم...).
هذا بظاهره يدلّ على أنّ هشام بن الحكم كان يظنّ أنّ الجسم يطلق على الذات

1. والظاهر الصحيح «عنهما» كما استظهره في حاشية «ل».

2. في «خ»: «في القول» وفي «ل»: «النعل والتعبير في القول».

3. في «خ»: «مجازاته».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5961
صفحه از 672
پرینت  ارسال به