351
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.إنشاءً ، ومُبتَدِعُها ابتداعا بقدرته وحكمته ، لا من شيء فَيَبْطُلَ الاختراعُ ، ولا لعلّةٍ فلا يَصِحَّ الابتداعُ ، خَلَقَ ما شاءَ كيفَ شاءَ ، متوحِّدا بذلك لإظهار حكمته وحقيقةِ ربوبيّتِه ، لا تَضْبِطُهُ العقولُ ، ولا تَبْلُغُهُ الأوهامُ ، ولا تُدْرِكُه الأبصارُ ، ولا يُحيطُ به مقدارٌ ، عَجَزَتْ دونَه العبارةُ ،

قوله: (فاطر الأشياء إنشاء) أي مبتدئها ابتداءً، والابتداعُ: الإيجاد لا من مادّة.
قوله: (بقدرته وحكمته) متعلّق بالابتداع، أو به وبالفطر والإنشاء.
وقوله: (لا من شيء فيبطلَ الاختراع) ناظر إلى قوله: «فاطر الأشياء» يعني لا بالأخذ من شيء وعلى مثاله وشاكلته ، وهو المَعْنِيُّ بالاختراع ، ولو كان مجعولاً على شاكلة مثاله وشبهه مأخوذا عنه لم يكن مخترعا .
وقوله : (ولا لعلّة فلا يصحَّ الابتداع) ناظر إلى قوله: «مبتدعها» يعني لا بأن يجعلها لمادّة كالصور المادّية؛ فإنّ من الأشياء ما يفارق المادّةَ، والمفارقاتُ والمادّةُ بمقارناتها مجعولةٌ لا لمادّة ، ولو كان مجعوله مجعولاً لمادّة وفيها، لم يكن سبحانه مبتدعا له؛ فإنّ الابتداع جعل الشيء الذي يكون أوّلاً لا لمادّة يكون فيها.
وقوله: (خلق ما شاء كيف شاء) أي خلق الأشياء بمشيّته بصفات وحدود منبعثة عن المشيّة ، لا مأخوذةٍ عن مثال سابق.
وقوله: (متوحّدا بذلك) أي خلقها حال انفراده من غير مشاركة الغير له في الخالقيّة بخلق شيء انفرادا أو انضماما.
وقوله: (لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيّته) متعلّق بفَطْر الأشياء وابتداعها. والمراد بالحكمة كمال العلم، وبحقيقة الربوبيّة مُثْبِتُها ومُبَيِّنُها كما هي له، على ما هي له.
ولمّا فرغ عمّا يتعلّق بتوحّده بأفعاله ومعرفته بذلك، أشار إلى معرفته بالسلوب بقوله: (لا يضبطه ۱ العقول) أي لا تحيط به إحاطةً إدراكيّة يتحدّد فيها حقيقتُه وإن كانت تعرفه نحو معرفةٍ ۲ (ولا تبلغه الأوهام) أي لا تصل الأوهام إلى معرفته؛ لقصورها عن البلوغ إليه. (ولا تدركها ۳ الأبصار) ظاهريةً كانت أو باطنيّة، لتعاليه

1. في «ل» والكافي المطبوع: «لا تضبطه».

2. في «خ، ل»: «معرفته».

3. كذا في النسخ، والصحيح كما في الكافي المطبوع: «ولا تدركه».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
350

۰.لا يَعلَمُ أحدٌ كيف هُوَ إلاّ هُوَ ، ليس كمِثْله شيء وهو السميع البصير ، لا يُحَدُّ ، ولا يُحَسُّ ، ولا يُجَسُّ ، ولا تُدْرِكُه الأبصارُ ولا الحواسُّ ، ولا يُحيطُ به شيءٌ ولا جسمٌ ولا صورةٌ ولا تخطيطٌ ولا تحديدٌ» .

۲.محمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن حمزةَ بن محمّد ، قال :كتبتُ إلى أبي الحسن عليه السلام أسألُهُ عن الجسم والصورة؟ فكَتَبَ : «سبحان من ليس كمِثْله شيء ، لا جسمٌ ولا صورةٌ» .

ورواه محمّد بن أبي عبداللّه ، إلاّ أنّه لم يُسَمِّ الرجلَ .

۳.محمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع ، عن محمّد بن زيد ، قال :جئتُ إلى الرضا عليه السلام أسألُه عن التوحيد؟ فأملى عليَّ : «الحمدُ للّه فاطرِ الأشياء

نقيّة عن أدناس الرذائل والوساوس.
ولمّا كان السائل فهم من هذا الكلام ما هو الظاهر ، ولم يحمله على ما ذكر في المراد ، أجابه عليه السلام لا بتخطئة إطلاق الجسم ، بل بنفي ما فهمه عنه سبحانه، وقال: (سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلاّ هو) أي ليس لأحد أن يصفه بصفة يعرفها من صفات ذاته الفانية وصفات أشباهه من الممكنات؛ فإنّه لا يكون معرفة شيء منها معرفتَه (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) أي لا بآلة وقوّة، وهو (لايُحدّ) وكلّ جسم محدود متناهٍ (ولا يجسّ) ۱ أي لا يُمسّ، وكلّ جسم يصحّ عليه أن يُمسّ (ولا تدركه الأبصار) أي الأوهام (والحواسّ) الظاهرة، والجسم يدرَك بالحواسّ الباطنة والظاهرة (ولا يحيط به شيء) إحاطةً عقلية، أو وهميّة، أو حسّيّة (ولا جسم) لأنّ معناه المُنْفهم عنه حقيقةً متقدّرٌ محدود (ولا صورة ولا تخطيط) أي تشكيل وكيفيّةٌ وكيف، والصورة والتشكيل لا ينفكّ عن التحديد (ولا تحديد).
قوله: (فأملى عليَّ) أملى أصله أملّ وأملّه: قاله، فكُتِب عنه.

1. في الكافي المطبوع: «ولا يحسّ ولا يجسّ».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6094
صفحه از 672
پرینت  ارسال به