329
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.الاشتباه ، وكان ذلك التشبيه لأنّ الأسبابَ لابُدَّ من اتّصالها بالمسبّبات» .

بالآخر، يقال: اشتبها: إذا أشبه كلّ منهما الآخَرَ؛ (لأنّ الرائي متى ساوى المرئيَّ) وماثله في النسبة (إلى السبب) الذي أوجب بينهما في الرؤية (وجب الاشتباه) ومشابهةُ أحدهما الآخَرَ في توسّط الهواء بينهما (وكان ۱ ذلك التشبيه) أي كون الرائي والمرئيّ في طرفي الهواء الواقع بينهما يستلزم الحكم بمشابهة المرئيّ بالرائي في ۲ الوقوع في جهةٍ حتّى ۳ يصحّ كونُ الهواء بينهما، فيكون متحيّزا ذا صورة وضعيّة ، فإنّ كون الشيء في طرف مخصوص من طرفي الهواء ، وتوسُّطَ الهواء بينه وبين شيء آخر سببٌ عقلي للحكم بكونه في جهة، ومتحيّزا ذا وضع وصورةٍ وضعيّة، ومشابها بمخلوقه في الصورة، وهو المراد بقوله: (لأنّ الأسباب لابدّ من اتّصالها بالمسبّبات).
وفي بعض النسخ «ما لم يكن بين الرائي والمرئيّ هواء ينفذه البصر» بانتفاء لفظة «لم» ووجود الضمير المنصوب في «ينفذه».
وعلى هذه النسخة ابتداء الدليل من قوله: «لا يجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئيّ هواء ينفذه البصر» أي لا يصحّ الرؤية بالبصر إلاّ بتوسّط هواء ينفذه البصر بينه وبين المبصَر.
وعلى النسخة الاُولى يكون قوله: «لا يجوز الرؤية» ذكرَ المدّعى، وابتداء الدليل من قوله: «ما لم يكن بين الرائي والمرئيّ هواء لم ينفذ ۴ البصر».
وفي كتاب التوحيد للصدوق أبي جعفر بن بابويه هكذا: «حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن أحمد بن إسحاق، قال: كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن الرؤية وما فيه الناس، فكتب: لا يجوز ۵ رؤية ما لم يكن بين

1. في «خ»: + «في».

2. في «ل»: «من».

3. في «ل»: - «حتّى».

4. في «ل»: «لم ينفذه».

5. في «ل»: «لا تجوز».الرؤية ما لم يكن بين


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
328

۰.دليلٌ على أنّ اللّه َ ـ عزَّ وجلَّ ـ لا يُرى بالعين ؛ إذ العينُ تُؤدِّي إلى ما وَصَفْناه» .

۴.وعنه ، عن أحمدَ بن إسحاقَ قال :كتبتُ إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسألُه عن الرُّؤيةِ وما اختلَفَ فيه الناس ، فكتب : «لا تَجوزُ الرُّؤيةُ ، ما لم يَكُنْ بين الرائي والمرئيّ هواءٌ لم يَنْفَذْهُ البَصرُ ، فإذا انقطَعَ الهواءُ عن الرائي والمرئيّ لم تَصِحَّ الرؤيةُ ، وكان في ذلك الاشتباه ؛ لأنَّ الرائي متى ساوى المرئيَّ في السبب الموجِبِ بينهما في الرؤية وَجَبَ

لم تكن إيمانا يلزم سلب الإيمان عن الرأيين؛ لامتناع اجتماع المعرفتين في زمان واحد في قلب واحد، يعني قيامَ تصديقَيْن أحدهما أقوى من الآخر بذهن واحد، وأحدهما حاصل من جهة الرؤية، والآخَر من جهة الدليل، كما يمتنع قيام حرارتَيْنَ بماء واحد في زمان واحد » انتهى ۱ .
وقد سلك هذا المسلكَ بعض الأفاضل والأعلام ، وتبعهما أقوام من الناظرين في هذا الحديث. وهذا المسلك كما ترى، وحَمْلُ كلامه عليه السلام عليه بعيد عن الصواب، وفيه من الوهن ما لا يخفى ۲ .
قوله: (لا يجوز الرؤية) يعني الحقّ أنّه لا يجوز الرؤية بالعين، وما بعده دليل على عدم جواز الرؤية. وتقريره أنّه (ما لم يكن بين الرائي والمرئيّ هواء لم ينفذ البصر) سواء كان الإبصار بالانطباع ، كما هو الظاهر من الرواية السابقة، وذهب إليه المشّاؤون، أو كان بالشعاع ، كما هو مذهبُ آخَرِين من الحكماء. (فإذا) لم يكن بينهما هواء، و (انقطع الهواء عن الرائي والمرئيّ لم يصحّ ۳ يعني شبه كلّ منهما

1. القائل هو المولى محمّد أمين الاسترآبادي (۱۰۳۶ ق) في حاشيته على أُصول الكافي المطبوع أخيرا في ميراث حديث شيعه، ج ۸، ص ۳۰۶.

2. في حاشية «ت»: لأنّ زوال الضعف لا يستلزم زوال الموصوف بالضعف، كما أنّ مراتب الإيمان في شخص واحد متفاوتة بالشدّة والضعف حتّى يكمل؛ فتأمّل.

3. في «ل»: «لم تصحّ».الرؤية) بالبصر (وكان في ذلك) أي في كون الهواء بين الرائي والمرئيّ (الاشتباه) يعني شبه كلّ منهما

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6204
صفحه از 672
پرینت  ارسال به