323
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.أن يكونَ يأتي من عند اللّه بشيءٍ ، ثمّ يأتي بخلافه من وجهٍ آخَرَ؟!» . قال أبو قُرَّةَ : فإنّه يقول : « وَ لَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى » فقال أبوالحسن عليه السلام : «إنّ بعدَ هذه الآيةِ ما يَدُلُّ على ما رأى . حيث قال : « مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى » يقول : ما كَذَبَ فؤادُ محمّدٍ ما رأت عيناه ، ثمَّ أخْبَرَ بما رأى ، فقال « لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَـتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى » فآياتُ اللّه غيرُ اللّه

بإسناد دعوى الرؤية بالعين وما في حكمه إليه.
وقوله: (أن يكون يأتي) تفصيل لما أجمل ۱ ، عقّبه به للإيضاح، ولينكشف قبح ذلك الإسناد ۲ .
قوله: (فإنّه يقول: «وَ لَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى» ۳ ).
هذه معارَضة من أبي القرّة بما ظنّه دالاًّ على الرؤية من الكتاب وهو قوله: «وَ لَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى» لما ذكره ۴ عليه السلام من الآيات الدالّة على عدم الرؤية بالبصر.
وأجاب عليه السلام عنها بأنّ (بعد هذه الآية ما يدلّ) أي شيء يدلّ (على ما رأى) أي أنّ المرئيّ أيّ شيء؟
وقوله: (حيث قال: «مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى» ۵ ) بيان للمشار إليه بقوله: «هذه الآية» فإنّ معنى هذه الآية (ما كذب فؤاد محمّد صلى الله عليه و آله ما رأت عيناه) وليس لما رأى مفسِّر بعد هذه الآية حتّى قال: «وَ لَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى» والضمير راجع إلى «ما رأى» فهو غير مبيّن كمرجعه، ثمّ بعد ذلك لا مفسِّر له حتّى أخبر بالمرئيّ ، (فقال: «لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَـتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى» ۶ ).
والظاهر أنّه المراد بما رأى في قوله: «ولقد رآه» فلا دلالة ۷ الآية المذكورة على

1. في «خ» و حاشية «ت» : «أجمله» .

2. في «خ»: + «إليه».

3. النجم (۵۳): ۱۱.

4. متعلّق بقوله: «معارضة».

5. النجم (۵۳): ۱۱.

6. النجم (۵۳): ۱۸.

7. في «خ»: + «له».فيما تمسّك به على كونه سبحانه مرئيّا بالبصر لرسوله صلى الله عليه و آله ، بل دلّ على أنّ المرئيّ في قوله: «ولقد رآه» آياتُ اللّه وهي غيره سبحانه، ولا يجوز أن يُحمل المرئيّ في الآية المذكورة على


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
322

۲.أحمدُ بن إدريسَ ، عن محمّد بن عبدالجبّار ، عن صفوانَ بن يحيى ، قال :سألَني أبو قُرَّةَ المحدِّثُ أن اُدْخِلَه على أبي الحسن الرضا عليه السلام فاستأذَنْتُهُ في ذلك ، فأذِنَ لي ، فدَخَلَ عليه ، فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتّى بَلَغَ سؤالُه إلى التوحيدِ ، فقال أبو قُرَّةَ : إنّا رُوِّينا أنَّ اللّه َ قَسَمَ الرُّؤيةَ والكلام بَين نبيَّيْن ، فقَسَمَ الكلامَ لموسى ، ولمحمّدٍ الرُّؤيةَ ، فقال أبوالحسن عليه السلام : «فمَنِ المبلِّغُ عن اللّه إلى الثقلَيْنِ من الجنّ والإنس : لا تُدركه الأبصارُ ، ولا يُحيطونَ به علما ، وليس كمثله شيءٌ ؟ أليس محمّدٌ؟» قال : بلى ، قال : «كيفَ يجيءُ رجلٌ إلى الخَلْقِ جميعا فيُخبِرُهم أنّه جاء من عند اللّه وأنّه يَدعوهم إلى اللّه بأمر اللّه ، فيقول : لا تُدركه الأبصار ، ولا يُحيطون به علما ، وليس كمثله شيء ، ثمّ يقولُ أنا رأيته بعيني وأحطتُ به علما وهو على صورة البشر؟! أما تَستَحُونَ؟! ما قَدَرَتِ الزنادقةُ أن تَرمِيَه بهذا

قوله: (إنّا رُوّينا أنّ اللّه قسم الرؤية والكلام بين نبيَّيْن).
لمّا كان المراد من الرؤية في هذا الكلام على زعم السائل الإبصارَ مع أنّها ظاهرة في الإبصار ولو صحّ كان ينبغي أن تحمل عليه، أجاب عليه السلام عنه بنفي صحّة هذه الرواية لا بحملها على الرؤية القلبيّة، واستدلّ على عدم صحّتها بتبليغه صلى الله عليه و آله .
قوله تعالى: «لاَّ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ» ۱ و «لاَ يُحِيطُونَ بِهِىعِلْمًا» ۲ و «لَيْسَ كَمِثْلِهِى شَىْ ءٌ» ۳ .
أمّا دلالة «لاَّ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ» فظاهرة.
وأمّا دلالة «لاَ يُحِيطُونَ بِهِى عِلْمًا» فلأنّ الإبصار إحاطةٌ علميّة.
وأمّا دلالة «لَيْسَ كَمِثْلِهِى شَىْ ءٌ» فلأنّ الإبصار إنّما يكون بصورةٍ للمرئي وهي ۴ شيء تماثله وتشابهه، وإلاّ لم تكن صورةً له، وأنّه (كيف يجيء رجل) من الحقّ (إلى الخلق جميعا فيخبرهم) أنّه مُبلّغ عنه سبحانه أنّه: «لاَّ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ» و «لاَ يُحِيطُونَ بِهِى عِلْمًا» و «لَيْسَ كَمِثْلِهِى شَىْ ءٌ» (ثمّ يقول: أنا رأيته بعيني وأحطت به علما وهو على صورة البشر ۵ ما قدرت الزنادقة) في طعنه (أن ترميه بهذا) أي

1. الأنعام (۶): ۱۰۳.

2. طه (۳۰): ۱۱۰.

3. الشورى (۴۲): ۱۱.

4. في «خ»: «وهو».

5. في الكافي المطبوع: + «أما تستحيون».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6289
صفحه از 672
پرینت  ارسال به