۰.لا ظِلَّ له يُمْسِكُه ، وهو يُمْسِكُ الأشياءَ بأظِلَّتِها ، عارفٌ بالمجهول ، معروفٌ عند كلِّ جاهلٍ ،
فيه ـ وهو أبلغ المدح ـ كذلك الصمديّ يدلّ على تعاظمه في صمديّته.
وسنبيّن صحّة حمل الصمد على معانٍ اُخَرَ وردتْ في الأخبار، وأنّ المآل في الكلّ واحد.
قوله: (لا ظلّ له يمسكه وهو يمسك الأشياء بأظلّتها).
الظلّ من كلّ شيء: شخصه أو وقاؤه وستره، أي لا شخص ولا شبح له يمسكه كالبدن للنفس ، والفردِ ۱ المادّي للحقيقة، أو لا واقِيَ له يقيه «وهو يمسك الأشياء بأظلّتها» أي بأشخاصها وأشباحها، أو بوقاياتها؛ لأنّه إذاكان صمديّا ومقصودا في حوائج الكلّ، لم يكن محتاجا إلى غيره في شيء، ويكون كلّ شيء غيرِه محتاجا إليه.
وفيه تنبيه على أنّه ليس صمديّته بكونه مصمَتا لا تجويف له كما للأجسام ۲ ، بل بكونه جامعا في ذاته لمبادئ كلّ الكمالات والخيرات، ولا يكون فيه قابليّة لشيء هو يفقده.
وقوله: (عارف بالمجهول) أي لا يخفى عليه خافية، وكلُّ ما من شأنه الخَفاء ويخفى على غيره معلومٌ له؛ لأنّ نسبته إلى الظواهر والخَفايا واحد ۳ ، فالكلّ بالنسبة إليه من الظواهر التي لا خَفاء فيها.
والمعرفة هنا ۴ بمعنى العلم، عبَّر عن العلم بالمعرفة لمناسبة ما بعده.
وقوله: (معروف عند كلّ جاهل) أي ظاهرٌ غايةَ الظهور حتّى أنّ كلّ مَن ۵ شأنُه أن يخفى عليه الأشياءُ ويكون جاهلاً بها هو معروف عنده غيرُ مخفيّ عليه؛ لأنّ مناط معرفته مقدّماتٌ ضروريّة، ومعرفتُه بسلب صفات الأشياء عنه ونفي شبهها