۰.هو قبلَ القبل بلا قَبْلٍ ولا غايةٍ ولا منتهًى ، انقطعَتْ عنه الغايةُ ، وهو غايةُ كلِّ غايةٍ» . فقال رأس الجالوت : امْضُوا بنا ، فهو أعْلَمُ ممّا يقالُ فيه .
۵.وبهذا الإسناد ، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصْرٍ ، عن أبي الحسن المَوْصِليِّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :جاء حِبْرٌ من الأحبارِ إلى أميرِالمؤمنين عليه السلام فقال : يا أميرَالمؤمنين متى كانَ ربُّكَ؟ فقال له : «ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ ، ومتى لم يكن حتّى يقال : متى كان؟ كان ربّي قبلَ القبلِ بلا قَبْلٍ ، وبَعْدَ البَعْدِ بلا بَعْدٍ ، ولا غايةَ ولا مُنتهى لغايته ، انقطَعَتِ الغاياتُ عندَه ، فهو منتهى كلِ غايةٍ». فقال: ياأميرالمؤمنين، أفَنَبِيٌّأنت؟ فقال: «ويلك، إنّما أنا عَبْدٌ من عبيدمحمد صلى الله عليه و آله ».
صفة وحالة حتّى يكون له قبلٌ إنّما (هو قبلَ القبل) أي قبل كلّ ما يتّصف بالقبليّة (بلا قبل) وليس لوجوده ولا حالٍ من الأحوال نهايةٌ، ولا ما ينتهي إليه.
ولا يبعد أن يكون المراد بقوله: «ليس له قبل» أنّه ليس له ما يتّصف بالذات بالقبليّة وبأنّ له غايةً وما ينتهي إليه السابق منه وهو الزمان، بل هو قبل الزمان ومبدأٌ له بلا قبل؛ فإنّه لا زمان للزمان (انقطعت عنه الغاية) أي طرف الامتداد؛ فإنّ الامتداد متأخّر عنه بمراتبَ (وهو غاية كلّ غاية) أي انتهاء وجود الغايات كلّها، بل انتهاء وجود كلّ موجود إليه سبحانه، فإنّه مبدأ الكلّ بذاته لما لا يزيد على ذاته ۱ .
قوله: (كان ربّي قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد).
هذا الكلام يجري فيه الوجهان المذكوران، أي هو قبل كلّ ما هو قبل شيء، ولا قبل بالنسبة إليه، وبعد كلّ ما هو بعد كلّ شيء ولا شيء بعده، أو هو قبل الموصوف بالقبليّة والبعديّة لذاته، أي الزمان وبعده بلا زمان؛ لأنّه مبدأ كلّ شيء وغاية له ولا غاية له؛ حيث يتعالى عن الدخول تحت الزمان بذاته وصفاته، وإذ لا امتداد له فلا طرف له، ولا ما ينتهي إليه، أو حيث لا يجري التغيّر في ذاته وصفاته فلا نهاية لوجوده، ولا ما ينتهي إليه وجوده.