۰.بل حيٌّ يُعْرَفُ ، ومَلِكٌ لم يَزَلْ له القدرةُ والمُلْكُ ، أنشَأَ ما شاءَ حينَ شاءَ بمشيئته ، لا يُحَدُّ ولا يُبَعَّضُ ولا يَفنى ، كان أوّلاً بلا كيف ، ويكونُ آخِرا بلا أينٍ ، وكلُّ شيء هالكٌ إلاّ وجهه ،
المحاطة بالإدراك والقوّة العقلانيّة الممتازة عن سائر الصفات بالمهيّة، أو العوارض المشخّصة.
والمراد بالأين الموقوفِ عليه والمكانِ المجاور شيئا الأينُ والمكانُ الخاصّ الذي يكون متخصّصا به، ولا يكون نسبته إليه كنسبته إلى غيره من الأُيون والأمكنة، فإنّه سبحانه لا يخلو عنه مكان، ونسبته إلى كلّ مكان كنسبته إلى غيره من الأمكنة وإلى جميع الأمكنة؛ فاستحال كونه داخلاً في المكان دخولَ المتمكّن.
وقوله: (بل ۱ حيّ يعرف) أي يعرف أنّه حيّ بإدراك آثار تعدّ من آثار الحيّ ، لا باتّصافه بمفهوم الحياة التي هي صفة قائمة بموصوفها.
وقوله: (وملك لم يزل له القدرة والملك) أي له القدرة والعزّ والسلطنة لذاته، لا بكون الأشياء وسلطنته عليها.
وقوله: (أنشأ ما شاء حين شاء بمشيّته) بيان لملكه وسلطنته.
وقوله: (لا يحدّ) أي لا يحاط بنهاية وصفة (ولا يُبعّض) أي لا ينقسم ولا يتجزّأ إلى أجزاء، لا عقليةٍ ولا مقداريّةٍ، فلا يجري فيه التحديد العقلي (ولا يَفنى) أي لا يطرأ عليه العدم؛ لكونه موجودا بذاته، واجبا بذاته، أو لا يهرم، يقال: فني فلان: إذا هرم. والفاني الشيخ الكبير؛ لما سبق من عدم جواز التغيّر والضعف فيه.
قوله: (كان أوّلاً بلا كيف) أي مبدأً موجدا للكلّ بقدرته وعلمه «بلا كيف» أي لا بقدرة وعلم يعدّان من الكيف، ولا بغيرهما من الكيفيّات، بل بذاته وصفاته الذاتيّة غير الزائدة على ذاته (ويكون آخرا) أي باقيا مع ما عداه من الاواخر، وبعد فناء ما يفنى منها. (بلا أين) أي بلا كونه كونا ماديّا زمانيّا، فلا يكون آخرا بالحدوث على حال، أو بالزمان بدخوله تحت الزمان ولو على حال.