299
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.له الخَلْقُ والأمرُ ، تبارَكَ اللّه ُ ربُّ العالمين . ويلك ، أيّها السائلُ ، إنَّ ربّي لا تَغشاهُ الأوهامُ ، ولا تَنْزِلُ به الشبهاتُ ، ولا يَحارُ ، ولا يُجاوِزُهُ شيءٌ ، ولا تَنْزِلُ به الأحداثُ ،

ويحتمل أن يكون المراد بالأوّل المبدأ الفاعلَ، وبالآخِر الغاية ۱ ؛ فإنّه فاعل الكلّ بلا كيف، وغاية الكلّ حتّى الماديّات ۲ بلا مقارنة بمادّة والتأيّن بأين.
قوله: (له الخلق والأمر).
المراد بالخلق: عالم الأجسام والمادّيّات، أو الموجودات العينيّة. والمراد بالأمر: عالم الأرواح والمجرّدات، أو الموجودات العلميّة. والمراد أنّ الكلّ مستند إليه، فإنّه فاعل الكلّ، وغاية الكلّ، فالكلّ مختصّ به من جهة المعلوليّة واستفادةِ الوجود بلا مشارك له في إفادة وجود شيء من الموجودات (تبارك اللّه ربّ العالمين).
وقوله: (لا تغشاه الأوهام) أي لا تحيط به ولا تدركه الأوهام.
وقوله: (ولا تنزل به الشبهات) أي الالتباسات، فلا يقع في أمره دلالة التباس ۳ ؛ فإنّ الالتباس إنّما يقع للوهم ومنه في مدركاته وما يصل إليه، وهو سبحانه متعالٍ عن وصول الوهم إليه، وعن أن يدرك شيئا بالوهم.
وقوله: (ولا يحار من شيء ولا يحاوره) ۴ في كثير من النسخ بالحاء والراء المهملتين في الأوّل والثاني. الظاهر أنّ الأوّل مضارع معلوم من الحيرة، والثاني من المحاورة المأخوذة من «الحور» بالمهملتين بمعنى النقص، ويكون المفاعلة للتعدية. والمعنى: لا يتحيّر من شيء، ولا ينقصه شيء.
ويحتمل أن يكون الثاني من «الخور» بالخاء المعجمة والراء المهملة بمعنى الضعف، أي لا يضعّفه شيء.

1. في حاشية «ت»: لأنّ ذاته غاية لإيجاد كلّ المخلوقات؛ لأنّ ذاته خير محض، والوجود خير، فيصدر الوجود عنه لذاته، فذاته يكون غاية لإيجاده؛ لأنّ الغاية تكون علّة لفاعلية الفاعل.

2. في «خ»: + «أو الموجودات».

3. في «خ، ل»: «الالتباس».

4. في الكافي المطبوع: «ولا يحار ولا يجاوزه شيء».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
298

۰.بل حيٌّ يُعْرَفُ ، ومَلِكٌ لم يَزَلْ له القدرةُ والمُلْكُ ، أنشَأَ ما شاءَ حينَ شاءَ بمشيئته ، لا يُحَدُّ ولا يُبَعَّضُ ولا يَفنى ، كان أوّلاً بلا كيف ، ويكونُ آخِرا بلا أينٍ ، وكلُّ شيء هالكٌ إلاّ وجهه ،

المحاطة بالإدراك والقوّة العقلانيّة الممتازة عن سائر الصفات بالمهيّة، أو العوارض المشخّصة.
والمراد بالأين الموقوفِ عليه والمكانِ المجاور شيئا الأينُ والمكانُ الخاصّ الذي يكون متخصّصا به، ولا يكون نسبته إليه كنسبته إلى غيره من الأُيون والأمكنة، فإنّه سبحانه لا يخلو عنه مكان، ونسبته إلى كلّ مكان كنسبته إلى غيره من الأمكنة وإلى جميع الأمكنة؛ فاستحال كونه داخلاً في المكان دخولَ المتمكّن.
وقوله: (بل ۱ حيّ يعرف) أي يعرف أنّه حيّ بإدراك آثار تعدّ من آثار الحيّ ، لا باتّصافه بمفهوم الحياة التي هي صفة قائمة بموصوفها.
وقوله: (وملك لم يزل له القدرة والملك) أي له القدرة والعزّ والسلطنة لذاته، لا بكون الأشياء وسلطنته عليها.
وقوله: (أنشأ ما شاء حين شاء بمشيّته) بيان لملكه وسلطنته.
وقوله: (لا يحدّ) أي لا يحاط بنهاية وصفة (ولا يُبعّض) أي لا ينقسم ولا يتجزّأ إلى أجزاء، لا عقليةٍ ولا مقداريّةٍ، فلا يجري فيه التحديد العقلي (ولا يَفنى) أي لا يطرأ عليه العدم؛ لكونه موجودا بذاته، واجبا بذاته، أو لا يهرم، يقال: فني فلان: إذا هرم. والفاني الشيخ الكبير؛ لما سبق من عدم جواز التغيّر والضعف فيه.
قوله: (كان أوّلاً بلا كيف) أي مبدأً موجدا للكلّ بقدرته وعلمه «بلا كيف» أي لا بقدرة وعلم يعدّان من الكيف، ولا بغيرهما من الكيفيّات، بل بذاته وصفاته الذاتيّة غير الزائدة على ذاته (ويكون آخرا) أي باقيا مع ما عداه من الاواخر، وبعد فناء ما يفنى منها. (بلا أين) أي بلا كونه كونا ماديّا زمانيّا، فلا يكون آخرا بالحدوث على حال، أو بالزمان بدخوله تحت الزمان ولو على حال.

1. في «ل» : + «هو» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6282
صفحه از 672
پرینت  ارسال به