279
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.قال له السائل : فله كيفيّة؟ قال : «لا ، لأنَّ الكيفيّةَ جِهةُ الصفةِ والإحاطة ، ولكن لابدَّ من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه ؛ لأنَّ من نَفاهُ فقد أنْكَرَه ودَفَعَ ربوبيّتَه وأبْطَلَه ، ومن شَبَّهَ بغيره فقد أثبَتَهُ بصفة المخلوقينَ المصنوعينَ الّذين لا يَستحِقّونَ الربوبيّة ، ولكن لابُدَّ من إثبات أنَّ له كيفيّةً لا يستحقُّها غيرُه ، ولا يُشاركُ فيها ولا يُحاطُ بها ، ولا يَعلَمُها غيرُه» .

وقوله: (قال: لا؛ لأنّ الكيفيّة جهة الصفة والإحاطة) أي الكيفيّة حال الشيء باعتبار الاتّصاف بالصفة والانحفاظ والتحصّل بها؛ لأنّ الاتّصاف فعليّة من القوّة؛ فهو بين الفعليّة بالصفة الموجودة، أو بعدمها ، وهو في ذاته بَيْن بَيْن ، خالٍ من الفعليتين ، فعليةُ ۱ وجودِه وتحصّله محفوظة بالكيفيّة ولابدّ له من جهة اُخرى، فإذا هو مؤتلف مصنوع تعالى عمّا يقوله الظالمون.
وقوله: (ولكن لابدّ من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه) أي لابدّ من القول بوجوده سبحانه واتّصافه بكماله في ذاته، وهو الخروج من التعطيل، وبتنزّهه سبحانه من الاتّصاف بالصفات الزائدة كاتّصاف المخلوقين وهو الخروج من جهة التشبيه (لأنّ من نفاه) أي قال بزوال وجوده ، وحكم بعدمه في ذاته، أو في اتّصافه بالصفات الكماليّة الذاتيّة أو الفعليّة (فقد أنكره) بما هو عليه من وجوده بذاته (ودفع ربوبيّته [ وأبطله] ومن شبّهه بغيره) أي قال باتّصافه بالصفات الزائدة كاتّصاف المخلوقين (فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقّون الربوبيّة) كما نُبِّهتَ عليه.
وقوله: (ولكن لابدّ من إثبات أنّ له كيفيّةً) بيان لصحّة أن يقال: «له كيفيّة»

1. في «خ ، ل ، م» : «ففعليته»؛ وفي حاشية «ت» : «ففعلية» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
278

۰.إذ لم يكن بين النفي والإثبات منزلةٌ» .
قال له السائل : فله إنِّيَّةٌ ومائيّةٌ؟ قال : «نعم ، لا يثبت الشيء إلاّ بانِّيَّةٍ ومائيّةٍ» .

محكوما عليه، فيكون موجودا في الذهن مُحاطا به.
والجواب أنّه لا يلزم تحديده وكون حقيقته حاصلةً في الذهن، أو محدَّدةً بصفة؛ فإنّ الحكم لا يستدعي حصول الحقيقة في الذهن، والوجود ليس من الصفات المغايرة التي تُحدّ بها الأشياء. وأشار إليه بقوله عليه السلام : (لم أحدَّه ولكنّي أثبتّه ۱ إذ لم يكن بين النفي والإثبات منزلة) فلمّا انتفى النفي ثبت الثبوت.
ثمّ (قال له السائل: فله إنّيّة ومائية) أي وجودٌ منتزع، وحقيقة ينتزع منها الوجود، فأجاب (وقال: نعم، و ۲ لا يثبت الشيء) أي لا يكون موجودا إلاّ بإنّيّة ومائيّة، أي مع وجود وحقيقة ينتزع الوجود منها.
وينبغي أن يُعلم أنّ الوجود يطلق على المنتزع المخلوط بالحقيقة العينيّة عينا، وعلى مصحّح الانتزاع، والمنتزعُ غير الحقيقة في كلّ موجود، والمصحّح في الأوّل تعالى حقيقته العينيّةُ وإن دلّنا عليه غيره، والمصحّح في غيره مغاير للحقيقة والمهيّة، فالمعنى الأوّل مشترك بين الموجودات كلِّها، والمعنى الثاني في الواجب عين الحقيقة الواجبيّة.
ولعلّ المراد هنا المعنى الأوّل؛ لإشعار السؤال بالمغايرة وكذا الجواب بقوله: «لا يثبت ۳ الشيء إلاّ بإنّيّة ومائيّة» حيث جَعل الكلّ مشتركا فيه، والمشترك فيه إنّيّة مغايرة للمائيّة ۴ .

1. في حاشية «ت»: في قوله: «ولكنّي أثبتّه» إشعار إلى أنّ الثبوت محمول مرتبط بنفسه إلى الموضوع، لا بثبوت آخر رابط للمحمول إلى الموضوع ردّا على السائل فيما كان كلامه مشعرا به من ارتباط الوجود والثبوت بثبوت آخر (منه مدّ ظلّه العالي).

2. في «خ ، ل» والكافي المطبوع: - «و».

3. في «خ، ل، م»: «ولا يثبت».

4. في حاشية «ت ، م»: وهاهنا نكتة ينبغي التنبيه لها، وهي أنّ الموجوديّة بمصحّح الانتزاع، لا بالمنتزع، لكنّ الإثبات والحكم لصحّة الانتزاع إنّما يتمّ بملاحظة المنتزع، فلا يلزم من زيادة المنتزع تحديده به، كما قال عليه السلام : «لم أحدّه ولكنّي أثبتّه» أي بملاحطة المنتزع حكمت بأنّه ليس بمنتف، فيكون ثابتا إذ لا منزلة بينهما. وفي الحديث إشعار بكون الثبوت وجودا باشتراك معنى الإنّيّة والوجود بين الأشياء، كما هو التحقيق (منه رحمه اللّه تعالى).

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5890
صفحه از 672
پرینت  ارسال به