277
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.مُدرَكٍ بها ، تَحُدُّه الحواسُّ وتُمثّلُه ، فهو مخلوق ؛ إذ كان النفي هو الإبطالَ والعدمَ . والجِهةُ الثانية : التشبيهُ ؛ إذ كانَ التشبيهُ هو صفَةَ المخلوقِ الظاهرِ التركيبِ والتأليفِ ، فلم يكنْ بُدٌّ من إثبات الصانع لوجود المصنوعينَ والاضطرارِ إليهم أنّهم مَصنوعونَ ، وأنَّ صانعَهم غيرُهم وليس مثلَهم ؛ إذ كان مثلُهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد إذ لم يكونوا ، وتَنَقُّلِهِم من صِغَرٍ إلى كِبَرٍ ، وسوادٍ إلى بَياض ، وقوّة إلى ضعف ، وأحوالٍ موجودة لا حاجَةَ بنا إلى تفسيرها لبيانها و وجودها» .
قال له السائل : فقد حَدَّدْتَه إذ أثْبَتَّ وجودَه ، قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لم أحُدَّهُ ولكنّي أثْبَتُّهُ

قوله: (فلم يكن بدّ من إثبات الصانع لوجود المصنوعين ...) أي لابدّ من القول بثبوت صانع لتحقّق المصنوعين وثبوت الاضطرار لهم. فـ «إلى» في قوله: (والاضطرار إليهم) بمعنى اللام، أو بمعنى «من».
والمراد بالاضطرار إما شدّة الحاجة إلى الصانع غير المصنوع، أو اضطرار المصنوعين في الأفعال التي يجب استنادها إلى القادر المختار، حتّى يثبت الصانع بقدرته واختياره.
وقوله: (أنّهم مصنوعون...) تحرير للاستدلال على وجود الصانع الواجب الوجود المنزّه عن صفات المخلوقين ومشابهتهم بعد التنبيه على ما هو مناطه.
وخلاصة الاستدلال: أنّه لا شكّ في وجود المصنوعات، والمصنوعات بجملتها مصنوعةٌ محتاجة إلى صانع غير مصنوع لا يماثلهم فيما لا ينفكّ عن الاحتياج من التركيب في الذات، والتأليف عن الذات، والصفة، والخروج من العدم، والخلوّ عن الوجود إلى الوجود، والخروج من حال إلى حال، كالتنقّل من صغر إلى كبر، وسوادٍ إلى بياض، وقوّة إلى ضعف، وأحوال اُخَرَ لا حاجة إلى شرحها؛ لظهورها لنا وتحقّقها فينا.
وقوله: (فقد حدّدته إذْ أَثْبَتَّ وجوده) إيراد سؤالٍ على كونه موجودا بأنّ إثبات الوجود له يوجب التحديد ، إمّا باعتبار التحدّد بصفة هو الوجود، أو باعتبار كونه


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
276

۰.قال له السائل : فإنّا لم نَجِدْ موهوما إلاّ مخلوقا ، قال أبو عبداللّه عليه السلام : «لو كانَ ذلك كما تقولُ لكانَ التوحيدُ عنّا مرتفعا ؛ لأنّا لم نُكَلَّفْ غير موهوم ، ولكنّا نقول : كلُ موهومٍ بالحواسّ

وقوله: (اللّه والرحمن) مبتدأ، خبره من أسمائه.
قوله: (قال له السائل: فإنّا لم نجد موهوما إلاّ مخلوقا) أي فلم نجد المدرك بالوهم إلاّ مخلوقا؛ لما ذكرت أنّه لا تدركه الأوهام، فما يحصل في الوهم يكون مخلوقا، وما لا يحصل في الوهم لا يكون مدركا للوهم، فأجاب عليه السلام بأنّ كلّ مدرَك للوهم ۱ لو كان حاصلاً بحقيقته في الوهم (لكان التوحيد عنّا مرتفعا لأنّا لا نكلّف ۲ ) ما لا ندركه بالوهم ، ولكن ليس الإدراك بالوهم مستلزما لحصول حقيقة المدرك في الوهم ونقول: كلّ موهوم مدرك ۳ بالحواسّ بإحدى الجهتين:
اُولاهما : أن تحدّه الحواسّ وتحيط به بحقيقته.
وثانيتهما: أن تمثّله بصورته وشبحه فهو مخلوق.
أمّا الجهة الأُولى: فلأنّ حصول الحقيقة بعد النفي، ونفيها بعد الحصول في الوهم إبطال وعدم للحقيقة ، كلّ ما يطرأ عليه العدم، أو يكون معدوما يكون ممكنَ الوجود، محتاجا إلى الفاعل الصانع له، فلا يكون مبدأً أوَّلَ.
وأمّا الجهة الثانية: أي الحصول بالشبح والصورة المشابهة يتضمّن التشبيه، والتشبيهُ صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف؛ لأنّ التشبيه بالمماثلة في الهيئة والصفة، ولا تكونان إلاّ للمخلوق المركّب، أو المؤلّف من الأجزاء، أو من الذات والصفة.
ويحتمل أن يكون الجهتان جهتي الاستدلال بالمحدوديّة بالوهم والتمثّل ۴ فيه على المخلوقية، إحداهما جهة النفي، وثانيتهما جهة التشبيه.

1. في «ل»: «بالوهم».

2. في حاشية «ت ، م» : وفي بعض النسخ : «لم نكلّف» (منه). وفي الكافي المطبوع : «لم نكلّف» .

3. في «ل»: «يدرك».

4. في «ل»: «التمثيل».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6068
صفحه از 672
پرینت  ارسال به