265
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.معهما ، فيلزَمُك ثلاثةٌ ، فإن ادَّعيتَ ثلاثَةً لَزِمَك ما قلت في الاثنين حتّى تكونَ بينهم فُرجَةٌ ، فيكونوا خمسَةً ، ثمَّ يَتَناهى في العَدَدِ إلى ما لا نهاية له في الكثرة» .

عنه ولو عقلاً، وإلاّ لكان معلولاً محتاجا إلى المبدأ، فلا يكون مبدأً أوَّلَ ولا داخلاً فيه ، فيكون المميّز الفاصل بينهما قديما موجودا بذاته كالمتّفق فيه، فيكون الواحد المشتمل على المميّز الوجودي اثنين لاواحدا، ويكون الاثنان اللذان ادّعيتهماثلاثةً.
(فإن) قلت به و (ادّعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين) من تحقّق المميّز بين الثلاثة ، ولابدّ من مميّزين وجوديّين حتّى يكون بين الثلاثة فرجتان، ولابدّ من كونهما قديمين كما مرّ (فيكونوا خمسة) وهكذا .
(ثمّ يتناهى ۱ في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة) أي يتناهى الكلام في التعدّد إلى القول بما لا نهاية له في الكثرة، أو يبلغ عدده إلى كثرة غير متناهية .
أو المراد أنّه يلزمك أن يتناهى المعدود المنتهي ضرورة بمعروض ما ينتهي به العدد ، أي الواحد إلى كثير لا نهاية له في الكثرة ۲ ، فيكون عددا بلا واحد، وكثرةً بلا وحدة، وعلى هذا يكون الكلام برهانيا لا يحتاج إلى ضميمة، وعلى الأوّلين يصير بضمّ ما ذكرناه من ثالث الاحتمالات برهانيا. ۳
ولا يبعد أن يكون الإتيان منه عليه السلام بكلام ذي وجهين ليفهم منه المجادل القاصر عن الوصول إلى البرهان ما يُسكته، والواصل إلى درجة البرهان ما يوصله إلى اليقين في نفي التعدّد .

1. في حاشية «خ» : والحاصل أنّ ضمير «يتناهى» إمّا راجع إلى الكلام، فيكون المعنى أنّ الكلام والقول ينتهي إلى القول بما لا نهاية له . وإمّا راجع إلى عدد المبادي، أي ينتهي عدد المبادي إلى ما لا نهاية له، أي إلى غير المتناهي . وإمّا راجع إلى المعدود، أي ينتهي المعدود إلى كثرة لا واحد له (لراقمه خليل) .

2. في حاشية «ت» : والحاصل أنّ كلّ عدد ينتهي إلى واحد، وهذا المعدود لا ينتهي إليه، بل كلّ ما فرض اثنين يلزم أن يكون ثلاثة، وهكذا إلى غير النهاية .

3. في حاشية «ت» : لا يقال: ما ذكرته من ثالث الاحتمالات معتبر في الأوّلين والثالث؛ لأنّ الكلام ينجرّ منه إليها، فكيف يعتبر انضمامه مع أنّه منضمّ في نفس الأمر . قلت: هذا حلّ الحديث على طريق البرهان، ويمكن أن يحلّ بطريق الجدل، فيكون الأوّلين جدليّا، والثالث برهانيّا .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
264

۰.أو مفترقَيْن من كلّ جهة ، فلمّا رَأيْنا الخلقَ مُنتظِما ، والفَلَكَ جاريا ، والتدبيرَ واحدا، والليلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَ ، دَلَّ صحّةُ الأمرِ والتدبيرِ وائتلافُ الأمر على أنَّ المدبِّرَ واحدٌ ، ثمّ يَلْزَمُك إن ادّعيتَ اثنين فُرْجَةٌ ما بينهما حتّى يكونا اثنين ، فصارت الفُرجَةُ ثالثا بينهما قديما

وإن كان يقدر على الكلّ، وفي هذا الشقّ (لا يخلو ۱ من أن يكونا متّفقين) أي في الحقيقة (كلّ جهة) ويلزم من هذا عدم الامتياز بالتعيّن؛ للزوم المغايرة بين الحقيقة و التعيّنين المختلفين، و استحالة استنادهما إلى الحقيقة واستحالة استنادهما إلى الغير، فيكون لهما مبدأ ۲ (أو) يكونا مختلفين (مفترقين من كلّ جهة) وذلك معلوم الانتفاء؛ فإنّا (لمّا رأينا الخلق منتظما، والفلك جاريا، والتدبير واحدا، والليل والنهار والشمس والقمر دلّ صحّة الأمر والتدبير، وائتلافُ الأمر على أنّ المدبّر واحد) لا اثنان مختلفان من كلّ جهة .
ثمّ ذلك المدبّر الواحد لا يجوز أن يكون واحدا بجهة من حيث الحقيقة، مختلفا بجهة اُخرى، فيكون المدبّر اثنين (ويلزمك إن ادّعيت اثنين فرجةٌ ما بينهما) لأنّ لهما وحدةً فلا يتمايزان إلاّ بمميّز فاصل بينهما (حتّى يكونا اثنين) لامتناع الاثنينيّة بلا مميّز بينهما .
و عبَّر عن الفاصل المميّز بالفرجة؛ حيث إنّ الفاصل بين الأجسام يعبَّر عنه بالفرجة، و اُولئك الزنادقة لم يكونوا يدركون غير المحسوسات تنبيها على أنّكم لاتستحقّون أن تخاطَبوا إلاّ بما يليق استعماله في المحسوسات. وذلك المميّز لابدّ أن يكون وجوديا داخلاً في حقيقة أحدهما؛ إذ لا يجوز التعدّد مع الاتّفاق في تمام الحقيقة كما ذكرنا .
ولا يجوز أن يكون ذلك المميّز ذا حقيقة يصحّ انفكاكها عن الوجود وخلوُّها

1. في الكافي المطبوع: «لم يخل» .

2. في حاشية «خ» : لا يخفى ما فيه، فإنّ المبدءان لو كانا متّفقين من كلّ جهة ، لم يكونا اثنين، فيكفي في إبطاله أن يقال: هذا خلف، ولا يحتاج فيه إلى مقدّمة زائدة (لراقمه خليل).

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6042
صفحه از 672
پرینت  ارسال به