229
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.قلت : فإن كانَ الخَبَرانِ عنكما مشهورَيْنِ قد رواهما الثقاتُ عنكم؟ قال : «يُنظرُ ، فما وافَقَ حكمُه حكْمَ الكتاب والسنّة وخالَفَ العامّةَ ، فيُؤخَذُ به ، ويُترَكُ ما خالَفَ حكمُهُ حكمَ الكتاب والسنّة ووافَقَ العامّة» .
قلت : جُعلت فداك ، أرأيتَ إن كان الفقيهان عَرَفا حُكمَه من الكتاب والسنّة ، ووَجَدْنا أحدَ الخبَريْنِ موافقا للعامّة والآخَرَ مخالفا لهم ، بأيّ الخَبَرَيْنِ يُؤخَذُ؟ قال : «ما خالَفَ العامَّةَ ففيه الرَّشادُ» .
فقلت : جُعلت فداك ، فإن وافَقَهما الخبرانِ جميعا؟ قال : «يُنظَرُ إلى ما هم إليه أميَلُ

قوله: (فإن كان الخبران عنكما مشهورين ...).
الظاهر أنّ المراد الخبران عن الصادق والباقر عليهماالسلام، والخطاب للصادق وأبيه عليه السلام .
وتخصيصها بالذكر والخطاب لاشتهار الروايات عنهما ، وشيوع الأخذ عن أهل البيت في زمانهما دون السابقين؛ لشدّة التقيّة حينئذٍ وتعلّق الأغراض بالأخذ عن غيرهم وتركهم .
وإذا كان الخبران مشهورين، غلب الظنّ بصحّتهما ، فلا يخلوان من ۱ موافقة الكتاب والسنّة أو موافقة العامّة للتقيّة، فيكون أحدهما موافقا للكتاب والسنّة، والآخر موافقا للعامّة وآرائهم، فيؤخذ بالموافق لهما المخالف للعامّة .
والمراد بموافقة الكتاب والسنّة احتماله الدخولَ في المراد من الكتاب أو السنّة الثابتة، والكونَ من محاملهما .
قوله: (أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ...) أي وَجد كلّ واحد منهما ما حكم به موافقا للكتاب والسنّة، وكان أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا لهم، فالترجيح للمخالف للعامّة؛ فإنّه جمع بحمل الموافق على التقيّة .
وقوله: (فإن وافقها ۲ الخبران جميعا) أي وافق كلّ خبر بعضا من العامّة .
وقوله: (ينظر إلى ما هم إليه أميلُ، حكّامهم وقُضاتهم) أي ينظر إلى ما حكّامهم

1. في «خ» : «عن» .

2. في الكافي المطبوع و «خ، ل، م» : «وافقهما» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
228

۰.فيُجْتَنَبُ ، وأمرٌ مشكلٌ يُرَدُّ علمُه إلى اللّه وإلى رسوله ، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : حلالٌ بَيِّنٌ وحرامٌ بَيِّنٌ وشبهاتٌ بين ذلك ، فمن تَرَكَ الشبهاتِ نجا من المحرّمات ، ومن أخَذَ بالشبهاتِ ارتَكَبَ المحرّماتِ ، وهَلَكَ من حيثُ لا يَعلَمُ» .

وفي قوله: «لا ريب فيه» إشارة إلى أنّ المناط غلبة الظنّ بصحّة الرواية ، واستناد الحكم بالرواية الصحيحة .
وقوله: (وإنّما الأُمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتّبع، وأمر بيّن غيّه فيجتنب، وأمر مشكل) .
المراد بالبيّن رشده الظاهرُ حقّيّته؛ لغلبة الظنّ أو العلم بصحّة الرواية المتضمّنة له، أو دلالة الكتاب عليه، وبالبيّن غيّه الظاهرُ بطلانه ؛ لغلبة الظنّ أو العلم بصحّة الرواية المتضمّنة له، أو دلالة الكتاب عليه . والأمر المشكل ما لا يغلب الظنّ بحقّيّته أو بطلانه فضلاً عن العلم من أدلّته من الكتاب والسنّة؛ لعدم وضوح دلالة الكتاب وصحّة الحديث، أو دلالته، فهذا لا يحكم فيه ولا يفتي ، بل (يردّ علمه إلى اللّه وإلى الرسول صلى الله عليه و آله وسلم).
وقوله: (قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم: حلال بيّن، وحرام بيّن وشبهات بين ذلك) استشهاد لما ذكره .
وقوله صلى الله عليه و آله : (فمن ترك الشبهات) أعمُّ مأخذا ممّا ذكره عليه السلام بقوله: «يردّ علمه إلى اللّه » لشموله العملَ واختصاصِ ذلك بالحكم والفتيا (فمن ترك الشبهات) أي فتيا و حكما وعملاً (نجا من المحرّمات) فإنّ الفتيا بالمشتبه حرام، وكذا الحكم به، وكذا العمل به على أنّه مطلوب (ومن أخذ بالشبهات) أي فتيا أو حكما أو عملاً (ارتكب المحرّمات، وهلك من حيث لا يعلم) لأنّه حينئذٍ متعبّد لهواه والشيطان، وهو على حدّ الشرك باللّه .
وفي قوله: «فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات» دلالة على فضل ترك ما هو مشتبه الحرمة .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5956
صفحه از 672
پرینت  ارسال به