227
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر» .
قال : قلت : فإنّهما عَدْلانِ مَرضيّانِ عند أصحابنا ، لا يُفضَّلُ واحدٌ منهما على الآخَرِ؟ قال : فقال : «يُنْظَرُ إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك ، فيؤخَذُ به من حكمنا ، ويُترَكُ الشاذُّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمَعَ عليه لا ريبَ فيه ؛ وإنّما الأُمور ثلاثةٌ : أمرٌ بَيِّنٌ رشدُه فيُتَّبَعُ ، وأمرٌ بَيِّنٌ غَيُّهُ

وظاهر هذه العبارة الحكم بترجيح حكم الراجح في هذه الصفات ۱ جميعها . ويحتمل الترجيح بحسب الرجحان في واحدة منها ۲ أيَّها كانت .
وعلى الأوّل يكون حكم الرجحان بحسب بعضها دون بعض مسكوتا عنه .
وعلى الثاني يكون حكم تعارض الرجحان في بعض منها للرجحان في بعضٍ آخَرَ مسكوتا عنه .
والاستدلال على الأولويّة والرجحان بالترتيب الذكري ضعيف . والمراد أنّ الحكم الذي يجب قبوله من الحكمين المذكورين حكم الموصوفِ بما ذكر من الصفات الأربع، ويفهم منه وجوب اختياره لأن يتحاكم إليه ابتداءً، وأنّ ترجيح الأفضل لازم في الصور المسكوت عنها. ومن هاهنا ابتدأ في الوجوه المعتبرة للترجيح في القول والفتيا .
قوله: (قال: قلت: فإنّهما عدلان مرضيّان ...) أي فإنّ الراويين لحديثكم العارفَيْن بأحكامكم عدلان مرضيّان، لا يُفضّل واحد منهما على صاحبه في شيء من الصفات المذكورة، فإذا كان كذلك فبحكم أيّهما يؤخذ؟
وأجاب عليه السلام وبيّن له وجها آخَرَ للترجيح بقوله: (ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك) أي المشهور روايته بين أصحابك (فيؤخذ) بأشهرهما روايةً . (ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه) أي المشهور في الرواية (لا ريب فيه).

1. في «خ ، ل» : + «الأربع» .

2. في «خ» : «من الأربع» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
226

۰.فإذا حَكَمَ بحُكمِنا فلم يَقْبَلْهُ منه فإنّما استخَفَّ بحكم اللّه وعلينا رَدَّ ، والرادُّ علينا الرادُّ على اللّه ، وهو على حدّ الشركِ باللّه » .
قلت : فإن كانَ كلُّ رجل اختار رجلاً من أصحابنا، فرَضِيا أن يكونا الناظِرَيْنِ في حقّهما ، واختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختَلَفا في حديثكم؟
قال : الحكمُ ما حَكَمَ به أعدلُهما وأفقهُهما وأصدقُهما في الحديث وأورعُهما ،

والظاهر من الحاكم القاضي ـ وهو الذي يحكم في الوقائع الخاصّة ويُنفذ الحكم كالحَكَم ـ لا المفتي، وهو المبيّن للحكم الشرعي عموما .
وقوله: (فإذا حكم بحكمنا) أي إذا قضى عليه بالحكم الشرعي الذي وصل إليه منّا (فلم يقبله) أي المحكوم عليه (فإنّما استخفَّ بحكم اللّه ) حيث لم يرض به ، وقد جاءه من طريقه الذي أمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بأن يؤخذ منه (وعلينا ردّ) حيث ردّ قضاء مَن وصفناه بالحكومة، وحكمنا بحكومته و قضائه (والرادّ علينا الرادّ على اللّه ) حيث لم نقل إلاّ بما جاء من عند اللّه (وهو) أي المستخفّ بحكم اللّه الرادّ على اللّه (على حدّ الشرك باللّه ) أي على مرتبةٍ من الضلالة لا مرتبة فيها أشدّ منها، والمرتبة المتجاوزة منها مرتبةُ الشرك باللّه ؛ لأنّه بردّه على اللّه يخرج من الإيمان، وباستخفافه بحكم اللّه يخرج عن التحافظ على الإسلام والانقياد الظاهري، فلم يبق له إلاّ الإسلام الضعيف غير المتحافظ عليه وحفظ الدم والمال به، والمرتبة التي بعدها الشرك باللّه ، فيخرج عن انحفاظهما إلاّ بجزية لأهل الذمّة من المشركين .
قوله: (واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلف في حديثكم) .
أي وقع اختلافهما فيما حكما به، أو في حكمها، وكلاهما وقع الاختلاف بينهما في حديثكم، أي اختلافهما في الحكم استند إلى اختلافهما في الحديث .
وقوله: (الحكم ما حكم به أعدلهما و أفقههما وأصدقهما في الحديث) أي مَن يكون حديثه أصحَّ من حديث الآخر بأن ينقله من أعدلَ أو أكثرَ من العدول والثقات .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6057
صفحه از 672
پرینت  ارسال به