225
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
224

۰.في حلالنا وحرامنا وعَرَفَ أحكامَنا ، فَلْيَرْضَوْا به حَكَما ، فإنّي قد جعلتُه عليكم حاكما ،

وفي قوله: (وعرف أحكامنا) دلالة إلى بلوغه مرتبةَ معرفةِ جميع الأحكام، أو القدر المعتدّ به بحسب الوسع معرفةً بالفعل، أو بالقوّة القريبة منه بحيث يصحّ إطلاق المعرفة عليه . وتلك المعرفة تحصل بعد الفطنة القويمة والعلمِ بأساليب الكلام بممارسته ملاحظة الأحاديث، ونهج بيانهم للأحكام، وملازمة العلماء ذوي البصائر ۱ والاستمداد منهم .
وقد سعى السلف في جمع ما يستمدّ به في معرفة أساليب الكلام و معانيها وترجيح الأخبار و جمعها ، شكر اللّه مساعيَهم وجزاهم أحسنَ الجزاء، ولكن لا يغني ما أتوا به من تلك الممارسة والملازمة، فلا يعتمد قبلهما على تحدّسه بالمراد، وإذا حصل له تلك المعرفة اطّلع من جانب اللّه بإلهام وإعلام على جواز عمله بما يفهمه من الروايات؛ ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء .
وأمّا القاصرون من المزاولين لأقوال الفقهاء، المكابرين مع العلماء، الممارين للسفهاء، فيضلّون عن السبيل بادّعاء ما ليس لهم والدخول فيما حُظر عليهم، ولا ينتفعون بمساعيهم، فما هم إلاّ كباسط كفّيه إلى الماء، وليس ببالغٍ فاه، ويضلّون الناس، ويحسبون أنّهم يحسنون صنعا ، أعاذنا من فتنتهم والتصنّع بصنعتهم، وهدانا اللّه إلى اتّباع المهتدين من عباده الهادين إلى سبيل الرشاد .
قوله: (فإنّي قد جعلته عليكم حاكما) أي قد صيّرته حاكما عليكم، أو قد وصفته بكونه حاكما عليكم، وحكمت بذلك، وسمّيته بالحاكم .
يقال: جعل فلان زيدا أعلمَ الناس : إذا وصفه بذلك وحكم به . ومنه قوله تعالى: «وَ جَعَلُواْ الْمَلَـلـءِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَـدُ الرَّحْمَـنِ إِنَـثًا» ۲ أي وصفوهم بذلك، وحكموا بكونهم إناثا .
وعلى الأوّل يكون حكومة المجتهد بنصبه عليه السلام لها، فلا يثبت ۳ له حكومة بدون النصب ما لم يدلّ دليل آخَرُ .
وعلى الثاني يكون المجتهد متّصفا بالحكومة، ويكون قوله عليه السلام مبيّنا لاتّصافه بها.
والثاني أولى؛ لوجوه:
منها: أنّه لم يكونوا عليهم السلام في تلك الأعصار ينصبون الحكّام .
ومنها: أنّهم لو نصبوا لأعلموا الناس بنصب الفقيه للحكومة ابتداءً ولكان هذا من المعلوم عند الإماميّة، ولو كان لنُقل، وإذ ۴ لم ينقل علم أنّه لم يكن .
ومنها: أنّه لم يُعهد نصب غير المعيّن .
ومنها: أنّ الضرورة ماسّة بحكومة الفقيه: أمّا عند الغيبة، فظاهر، وأمّا مع ظهور الحجّة، فلعدم إمكان رجوع الكلّ في كلّ الأحكام إلى الحجّة لا بوسط وحكومته بمعنى كونه جائز الحكم بعد ما تحاكما إليه نافذَ الحكم حينئذٍ ، وظهور الحجّة وغيبتُه سواء في ذلك ، ويكون حكومة اُخرى لشخصٍ بخصوصه بنصب الحجّة عند ظهوره وتمكّنه .
ولو حمل على الأوّل فإمّا أن يُحمل على نصبه عليه السلام للفقيه في عصره وفي الأعصار بعده، أو على نصبه في عصره .
وعلى الأوّل فيكون الفقيه منصوبا ما لم ينعزل بعزله، أو بعزل مَن يقوم مقامه .
وعلى الثاني ينقضي أيّام نصبه بانقضاء أيّامه عليه السلام حيث يكون الحكم لغيره بعده .
ويحتمل الحكم بنصبه بعده ما لم ينعزل؛ لاتّحاد طريقتهم عليهم السلامواستحسان اللاحق ما حسّنه السابق منهم، وكون المتأخّر خليفةً للمتقدّم؛ فما لم يظهر منه خلاف ما جاء من المتقدّم حُكم بإبقائه له .

1. في «خ» : «الأبصار» .

2. الزخرف (۴۳) : ۱۹ .

3. في «خ» : «تثبت» .

4. في «خ» : «إذا» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6196
صفحه از 672
پرینت  ارسال به