۰.من أغصانها ، وانتثارٍ من وَرَقِها ، ويأسٍ من ثمرها ، واغورارٍ من مائها ، قد دَرَسَتْ أعلامُ الهدى ، فَظَهَرَتْ أعلامُ الردى ، فالدنيا مُتهجِّمَةٌ في وجوه أهلِها ، مُكفَهِرَّةٌ ، مُدبِرَةٌ غيرُ مُقِبلَةٍ ، ثمرتُها الفتنةُ ، وطعامُها الجيفةُ ، وشِعارُها الخوفُ ، ودِثارُها السيفُ ، مُزِّقْتُم كلَّ مُمَزَّقٍ ، وقد أعمَتْ عيون أهلِها ، وأظلَمَتْ عليها أيّامُها ، قد قَطعوا أرحامَهم ، وسَفَكوا دماءَهم ، ودَفَنوا في التراب الموؤودةَ بينهم من أولادهم ، يَجتازُ دونَهم طيبُ العيش ورَفاهِيَةُ خُفوضِ الدنيا ؛
وقوله: (قد درست أعلام الهدى) تبيين لما سبق ذكره، وتعبيرٌ عنها مُوضحا ترتّبَ بعضها على بعض، فدروس أعلام الهدى وظهور أعلام الردى ناظر إلى خلوّ الزمان من الرسول والشريعة القويمة وغفلةِ الأُمم وانبساط الجهل، وترتَّب عليه ۱ تهجُّمُ الدنيا في وجوه أهلها، كما قال: (فالدنيا متهجّمة في وجوه أهلها مكفهِرّة) .
«التهجّم» : مبالغة الهجوم. و «الهجوم» : الدخول بلا إذن. والمراد بتهجّمها في وجوه أهلها ملاقاتها لهم لا على وفق مأمولهم ومتمنّاهم .
و«المكفهرّ» من الوجوه: القليل اللحم، الغليظُ الذي لا يستحي .
وقوله: (مزّقتم كلّ ممزّق) .
«التمزيق»: الخرق، أو ۲ التفريق، والممزّق ـ كمعظّم ۳
ـ مصدرٌ كالتمزيق .
وقوله: (ودفنوا في التراب الموؤودة بينهم) .
الموؤودة: البِنْت المدفونة حيّةً . وقوله: «بينهم» متعلّق بالدفن، أو الوَأد بتضمين معنى الشيوع .
وقوله: (يختار ۴ دونهم طيبُ العيش ورفاهيةُ خفوض الدنيا) أي يختار لغيرهم طيب العيش ورفاهية الدعة وسَعَة الدنيا .
وفي بعض النسخ «يحتاز» ـ بالحاء المهملة والزاي ـ أي يُجمع ويُمسك وراءهم طيبُ العيش والتوسّع في الدنيا .