211
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.من أغصانها ، وانتثارٍ من وَرَقِها ، ويأسٍ من ثمرها ، واغورارٍ من مائها ، قد دَرَسَتْ أعلامُ الهدى ، فَظَهَرَتْ أعلامُ الردى ، فالدنيا مُتهجِّمَةٌ في وجوه أهلِها ، مُكفَهِرَّةٌ ، مُدبِرَةٌ غيرُ مُقِبلَةٍ ، ثمرتُها الفتنةُ ، وطعامُها الجيفةُ ، وشِعارُها الخوفُ ، ودِثارُها السيفُ ، مُزِّقْتُم كلَّ مُمَزَّقٍ ، وقد أعمَتْ عيون أهلِها ، وأظلَمَتْ عليها أيّامُها ، قد قَطعوا أرحامَهم ، وسَفَكوا دماءَهم ، ودَفَنوا في التراب الموؤودةَ بينهم من أولادهم ، يَجتازُ دونَهم طيبُ العيش ورَفاهِيَةُ خُفوضِ الدنيا ؛

وقوله: (قد درست أعلام الهدى) تبيين لما سبق ذكره، وتعبيرٌ عنها مُوضحا ترتّبَ بعضها على بعض، فدروس أعلام الهدى وظهور أعلام الردى ناظر إلى خلوّ الزمان من الرسول والشريعة القويمة وغفلةِ الأُمم وانبساط الجهل، وترتَّب عليه ۱ تهجُّمُ الدنيا في وجوه أهلها، كما قال: (فالدنيا متهجّمة في وجوه أهلها مكفهِرّة) .
«التهجّم» : مبالغة الهجوم. و «الهجوم» : الدخول بلا إذن. والمراد بتهجّمها في وجوه أهلها ملاقاتها لهم لا على وفق مأمولهم ومتمنّاهم .
و«المكفهرّ» من الوجوه: القليل اللحم، الغليظُ الذي لا يستحي .
وقوله: (مزّقتم كلّ ممزّق) .
«التمزيق»: الخرق، أو ۲ التفريق، والممزّق ـ كمعظّم ۳
ـ مصدرٌ كالتمزيق .
وقوله: (ودفنوا في التراب الموؤودة بينهم) .
الموؤودة: البِنْت المدفونة حيّةً . وقوله: «بينهم» متعلّق بالدفن، أو الوَأد بتضمين معنى الشيوع .
وقوله: (يختار ۴ دونهم طيبُ العيش ورفاهيةُ خفوض الدنيا) أي يختار لغيرهم طيب العيش ورفاهية الدعة وسَعَة الدنيا .
وفي بعض النسخ «يحتاز» ـ بالحاء المهملة والزاي ـ أي يُجمع ويُمسك وراءهم طيبُ العيش والتوسّع في الدنيا .

1. الضمير في «عليه» راجع إلى دروس الأعلام .

2. في «خ» : «و» .

3. في «ل» : «كالمعظم» .

4. في الكافي المطبوع : «يجتاز» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
210

۷.محمّدُ بن يحيى ، عن بعض أصحابه ، عن هارونَ بن مسلم، عن مسعدة بن صدقةَ، عن أبي عبداللّه عليه السلام قال :«قال أميرُالمؤمنين عليه السلام : أيّها الناسُ ، إنّ اللّه َ ـ تبارك وتعالى ـ أرسَلَ إليكم الرسولَ صلى الله عليه و آله وأنزَلَ إليه الكتابَ بالحقّ وأنتم اُمّيّون عن الكتاب ومَن أنزَلَه ، وعن الرّسول ومَن أرسَلَه ، على حين فَترةٍ من الرسل ، وطول هَجعةٍ من الأُمم ، وانبساطٍ من الجهل ، واعتراضٍ من الفتنة ، وانتِقاضٍ من المبرَم ، وعَمىً عن الحقِّ ، واعتِسافٍ من الجور ، وامتِحاقٍ من الدين ، وتَلَظٍّ من الحروب ، على حين اصفرارٍ من رياض جَنّاتِ الدنيا ، ويُبْسٍ

قوله: (إلاّ وله أصل في كتاب اللّه ) أي ما يمكن معرفته منه ولو بضمّه إلى غيره من الكتاب أو السنّة، أو مقدّمةٍ عقلية أو حسّيّة .
وقوله: (ولكن لا تبلغه عقول الرجال) أي أكثرهم، بل إنّما يبلغه عقول الكُمَّل منهم، أو مَن هداه اللّه إليه وخصّه بمزيد فضله .
قوله: (وأنتم أُمّيّون عن الكتاب) .
يقال لمشركي العرب: اُمّيّون؛ لنسبتهم إلى ما عليه اُمّة العرب وجماعتهم من ترك تعلّم الكتابة وجهلهم بالكتاب وغفلتهم عنه، ثمّ غلّب فيمن لا يكتب .
وقد يقال: الأُمّيّ منسوبٌ إلى الأُمّ، أي من هو باقٍ على حالته الجبلّيّة التي وُلد عليها ولم يكتب .
وقوله: (على حين فترة من الرسل) أي على قرب زمان خالٍ من الرسول بين الرسولين، أو طرفه، أو في زمان خالٍ من الرسل وشريعتهم الباقية المحفوظة .
و«الفترة»: السكون وقلّة الاجتهاد، والزمان الخالي من الرسول بين الرسولين .
وقوله: (وطول هجعة من الأُمم) أي طول غفلة . و«الهجعة»: النوم بالليل عبّر بها عن الغفلة بالجهالة .
وقوله: (وانتقاضٍ من المبرم) أي ۱ المحكم من الشريعة السابقة .
وقوله: (وامتحاق من الدين) أي بطلان و انمحاء.
وقوله: (على حين اصفرار من رياض جنّات الدنيا) بدل من قوله: «على حين فترة من الرسل» .

1. في «م» : «من» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5874
صفحه از 672
پرینت  ارسال به