الفصل الثاني
الحاشية على اُصول الكافي (الكتاب الذي بين يديك) :
كتب ميرزا رفيعا النائيني هذه الحاشية جوابا لالتماس جمع من تلامذته ، وجَمَعَ هذه الحواشي أحد منهم: ـ أمير معصوم بن محمّد فصيح ابن المير أولياء الحسيني التبريزي القزويني (م ۱۰۹۱) ـ وصار كتابا مستقلاًّ .
صرّح بذلك العلاّمة الطهراني في الذريعة هكذا :
الحاشية على الكافي للأمير رفيع الدين محمّد بن حيدر الحسيني الطباطبائي النائيني ، شيخ العلاّمة المجلسي والمحدّث الحرّ وتلميذ الشيخ البهائي والمولى عبد اللّه التستري ... وقد ذكر السيّد حسين بن الأمير إبراهيم بن الأمير معصوم القزويني الحسيني في خاتمة كتابه معارج الأحكام أنّ جدّه الأمير معصوم بن محمّد فصيح ابن المير أولياء الحسيني التبريزي القزويني المتوفّى فجأة في ۱۰۹۱ كان من تلاميذ الأمير رفيع الدين محمّد النائيني، وبعد قراءته اُصول الكافي عليه كتب له بخطّه إجازة مع الإطراء له . وقال : هو الذي جمع حواشي اُستاده على اُصول الكافي في حياته ، وأنشأ له خطبة من نفسه، وكذا كتب عليها حواشي من نفسه. ۱
نسب هذه الحاشية في جميع كتب التراجم إلى المؤلّف بعناوين مختلفة ، منها «الحاشية على اُصول الكافي» و«الحاشية على الكافي» و«شرح الكافي» و«التعليقة على الكافي».
وذكرها المحدّث النوري في خاتمة مستدرك الوسائل في ضمن بيان مشايخ العلاّمة المجلسي ووصفها بأنّها في غاية الجودة ، وكتب هكذا :
الثاني : سيّد الحكماء والمتألّهين ، النحرير الأفخم ميرزا رفيع الدين محمّد بن حيدر الحسيني الحسني الطباطبائي النائيني ، صاحب الرسائل والحواشي الكثيرة التي منها حواشيه على اُصول الكافي في غاية الجودة. ۲
والذي يكشف من أهمّية هذا الأثر أنّ هذه الحاشية كانت من مصادر العلاّمة المجلسي في شرحه على الكافي المسمّى ب «مرآة العقول» ، وكثيرا ما استفاد العلاّمة في المرآة من نصّ عباراتها ، وأشار إلى بعضها ب «قال بعض الفضلاء» أو «قيل» . ونحن قابلنا بعض هذه الحاشية على مرآة العقول وندّعي أنّ أكثرها كان موجودا في المرآة بنصّه .
ولا شكّ أنّ هذه الحاشية من أدقّ الحواشي على كتاب الكافي ، وكانت ممتازةً من جوانب شتّى :
الأوّل : حيث إنّ المؤلّف كان من أساتيد المعقول ، وله دقائق في الفلسفة والكلام ، صار أثره هذا مشحونا بلطائف ودقائق عقليّة وكلاميّة مبتنيا على مذهب الإماميّة ، بالأخصّ ما صدر عنه في شرح كتاب التوحيد . وله في هذا المضمار مطالب بديعة جديدة لا تكون في الشروح التي اُلّفت قبل هذه الحاشية.
الثاني : أنّ المؤلف رحمه اللهلم يغفل عن سند الأحاديث ولم يتركها كلاًّ ، بل له عناية إجمالية بالأسناد ، ولذا تعرّض لبعض رواة المشترك أو المجهول ، وأشار إلى بعض التصحيفات ، وبعض فوائد اُخرى.
الثالث : استفاد المؤلف رحمه الله في شرح بعض روايات الكافي من روايات اُخرى ـ في الكافي وغيرها ـ للتأييد لما خطر بباله الشريف ، وهذا ينبئ عن كثرة اُنسه بالروايات وتضلّعه فيها . ولا يخفى أنّه كما أنّ القرآن يفسّر بعضه بعضا ، كذلك الروايات أيضا يفسّر بعضه بعضا.
الرابع : أنّ هذه الحاشية مشحونة بنكات أدبية كثيرة ؛ حيث إنّ المؤلّف ذكر في مواضع متعدّدة كيفية ضبط الكلمات وما يحتمل فيها ، وأيضا أشار إلى إعراب بعض الجملات وما ينتهي إليه معنى الحديث في هذا المضمار.
الخامس : اهتمّ المؤلّف اهتماما كثيرا في شرح غريب لغات الأحاديث ، وشرح اللغات من مصادرها المعتبرة ، وشرحها في بعض الموارد من المصادر الفارسية وترجم الكلمة أيضا بالفارسية . وأشار في ترجمة بعض اللغات إلى ما يحتمل في مبدأ اشتقاق اللفظ ، واختار ما يناسب المقام.
السادس : كانت للمؤلّف رحمه الله عناية خاصّة ودقّة كثيرة في ذكر نصّ الأحاديث التي نقلها ورواها ثقة الإسلام الكليني رحمه الله في الكافي، ولم يكتف في نقلها بنسخة واحدة ، بل اعتمد على نسخ مختلفة ، واختار أصحّ العبارات ، وأشار إلى بعض المحتملات مستندا إلى النسخ بعبارة : «في
بعض النسخ» وإذا كان في كلمة أو جملة إجمال أو اضطراب ، ذكر له وجها آخر من نفسه .
ومن المأسوف أنّ هذه الحاشية لم تتمّ ، وكان حاشيته هذه على الكافي إلى كتاب الحجة ، باب أنّ المتوسّمين الّذين ذكرهم اللّه تعالى في كتابه هم الأئمّة عليهم السلام والسبيل فيها مقيم ، الحديث ۳ . (الكافي ، ج ۱ ، ص ۲۱۸ ، طبع دار الكتب الإسلاميّة) .