113
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۳.عدّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقيّ ، عن إسماعيل بن مِهرانَ ، عن أبي سعيد القمّاط، عن الحلبيّ، عن أبيعبداللّه عليه السلام قال:«قال أميرالمؤمنين عليه السلام : ألا اُخبِرُكم بالفقيه حقّ الفقيه؟ من لم يُقَنِّطِ الناسَ من رحمة اللّه ، ولم يُؤمِنْهم من عذاب اللّه ، ولم يُرخّصْ لهم

المعنى الحقيقُ بذلك الاسم له خشية من ربّه ليست لغيره، وهذه الخشية تؤدّيه إلى الإطاعة والانقياد قولاً وفعلاً؛ فإنّ الجرأة على العصيان لا تجامع الخشية الحقيقيّة .
قوله: (ألا أُخبركم ۱ بالفقيه حقّ الفقيه) أي حقيقة الفقيه . و «حقّ الفقيه» بدل عن «الفقيه» وما بعده خبرُ مبتدأ محذوف ، أي هو (مَن لم يقنّط الناس).
ويحتمل أن يكون «حقّ الفقيه» مبتدأً وما بعده خبره، والمراد أنّ الفقيه حقيقة ليس إلاّ من هو عالم بالمراد بما ورد في الوعيد والوعد والعفو بملاحظة بعضها مع الآخر حتّى يتبيّن له المراد، ومن يقتصر على ملاحظة البعض دون الباقي ويعتمد على ما يفهمه بتلك الملاحظة فيؤدّيه إلى أن يقنّط الناس من رحمة اللّه ، أو يؤمنهم من عذاب اللّه ، أو يرخّص لهم في معاصي اللّه ، فبمجرّد علمه بالمسائل الشرعيّة الفروعية لا يكون فقيها، وكذا حقيقة الفقيه لا يكون إلاّ لمن أخذ بكتاب اللّه و تفكّر فيه ولم يرغب عنه ۲ إلى غيره؛ فإنّ التارك لكتاب اللّه لا يكون فقيها وإن كان حافظا للأحاديث، ضابطا لها؛ فإنّ معرفة الأحاديث وفهمها لا تتمّ إلاّ بمعرفة كتاب اللّه والتفكّر فيه . وأمّا من ترك التفكّر في كتاب اللّه ، ثمّ قاس على الأحاديث، فعدوله عن الحقّ أكثر .

1. في حاشية «م»: «ألا اُخبركم» بهمزة الاستفهام و «لا» النافية. ففي الكلام حذف بعد تمام الجملة الاستفهامية، أي «قالوا: بلى». ويحتمل أن يكون حرف تنبيه، فلا حذف .

2. في حاشية «م» : يحتمل أن يكون فائدة قوله عليه السلام «رغبة عنه إلى غيره» احترازا عمّا لو ترك القرآن، لا رغبة عنه إلى غيره، بل لاحتياجه إلى الغير ورغبته فيه لذلك . والرغبة في الغير أعمّ من الرغبة عن القرآن . ولعلّ هذا أوجه وأنسب، وهو ينطبق على ترك التلاوة في الجملة بشغل غيرها يجب عليه الاشتغال به، أو يجوز الرغبة فيه، وعلى ترك الأحكام التي لا يمكن تحصيلها. وقد ينطبق على ترك التعلّم. وفيه ما مرّ، واللّه تعالى أعلم .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
112

۲.عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونسَ ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحارث بن المغيرة النصريّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام في قول اللّه عزَّ وجلَّ : « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ » قال : «يعني بالعلماء من صَدَّقَ فعلُه قولَه ، ومن لم يُصَدِّقْ فعلُه قولَه فليس بعالم» .

(وتواضعوا ۱ لمن طلبتم منه العلم) أي عند الطلب وبعده (ولا تكونوا علماء جبّارين) أي متكبّرين (فيذهب باطلكم) أي تكبّركم (بحقّكم) أي بعلمكم، فلا يبقى العلم عندكم، ويرتحل ۲ عن قلوبكم، أو بفضلكم شرفكم بالعلم؛ فإنّه لا يبقى فضل وشرف بالعلم مع التكبّر به، أو بفضلكم وثوابكم على التعليم والتعلّم؛ حيث لا فضيلة ولا استحقاق للثواب بهما مع التكبّر بالعلم .
قوله: (يعني بالعلماء من صدّق فعله قوله) ۳ .
المراد بمن صدّق فعله قوله مَن يكون ذا علم ومعرفة ثابتة مستقّرة في قلبه استقرارا لا يغلبه معه هواه. والمعرفةُ الثابتة المستقرّة كما تدعو إلى القول والإقرار باللسان، تدعو إلى الفعل والعمل بالأركان، فيكون فعله مصدّقا لقوله، والعالمُ بهذا

1. في حاشية «خ»: يحتمل أن يكون المراد من التواضع الواجب بالنسبة إلى المعلّم والمتعلّم الإقرار بالحقّيّة، والإذن بقول كلّ واحد منهما إن قال في المقابل عند المباحثة والمعارضة كلمة حقّة. وحينئذٍ فالمراد بالعالم الجبّار من ينكر كلمة حقّ سمعها من معلّمه أو متعلّمه إذا رآها مخالفة لقول نفسه بمجرّد العصبية والحميّة، فلا ينصف لخصمه من نفسه، فيكون عالما جبّارا[ ؟] تبطل كلماته الباطلة كلماته الحقّة وتذهب بها. ولعلّ هذا أوفق وأظهر وأخصر . (لراقمه خليل) .

2. في «خ، ل، م» : «ارتحل» .

3. في حاشية «خ»: يحتمل أن يكون المراد من تصديق الفعل للقول مطابقة الفعل للعقائد العقلية؛ لتطابق القوّة العقلية من النفس القوّة العملية منها و اتّحادهما من جهة كمال انقياد الثانية للأُولى، فيجري في القوّة العاملة من النفس، أي في القوّة الجسمانية منها الخوف الذي يوجبه القوّة العاقلة من النفس، فيحصل في البدن وقواه الجسمانية الخشية والخوف من المعقول المجرّد الذي يقضي العقل بوجوب الخوف منه، فيتّضح بذلك قوله تعالى: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ» [ فاطر (۳۵): ۲۸] ويتّضح الفرق بين الخوف والخشية . (لراقمه خليل) .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6015
صفحه از 672
پرینت  ارسال به