521
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.أخذوا عن الناس، وإنّكم أخَذْتُم عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، إنّي سمعتُ أبي عليه السلام يقول : إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ إذا كَتَبَ على عبدٍ أن يَدْخُلَ في هذا الأمر كانَ أسرع إليه من الطير إلى وَكْرِهِ».

۴.أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوانَ بن يحيى ، عن محمّد بن مروان ، عن فُضيل بن يَسارٍ ، قال :قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : نَدعو الناسَ إلى هذا الأمر؟ فقال : «لا ، يا فضيل إنّ اللّه َ إذا أراد بعبدٍ خيرا أمَرَ مَلَكا فأخَذَ بعُنُقِه ، فأدْخَلَه في هذا الأمر طائعا أو كارها».

وبقوله تعالى في عدم ترتّب الهداية على إكراه أحد من عباده: « أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ » ۱ ثمّ بعد النهي عن المخاصمة أمر بعدم التعرّض لهم وترك دعوتهم إلى هذا الأمر معلّلاً بأنّهم أخذوا أمرهم عن الناس واتّبعوهم، وظنّوا أنّ فعلهم حجّة، واتّباعَهم لازم، وأنّكم أخذتم أمركم عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وممّا ثبت عندكم أنّه عنه، واعتقدتم أن لا حجّيّة إلاّ لما ثبت عن اللّه وعن رسوله، ولا يجوز ترك متابعته واتّباع غيره في أمر من الاُمور ، فهم لا يستمعون إليكم ولا يصدّقون ما تحتجّون به عليهم ، فلا تأثير لقولكم فيهم ، إنّما يجدي قولكم مَن طيّب اللّه روحه ونكت في قلبه نكتةً من نور ، ومَن هذا شأنه يصل إلى الحقّ بطلبه وإن لم يَدْعُه إليه أحد.
يؤيّد ذلك ما نقله عن أبيه عليهم السلام أنّه كان يقول: (إنّ اللّه ۲ إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر) وأراد وقدّر دخوله فيه (كان أسرعَ إليه من الطير إلى وكره).
قوله: (فأدخله في هذا الأمر طائعا أو كاذبا) أي أدخله في معرفة هذا الأمر والعلمِ بحقّيّته بالاطّلاع على دلائله، سواء كان راغبا فيه أو كارها له، فإنّه عند الاطّلاع على الدلائل والانتقال إلى وجه الدلالة يحصل العلم بالمدلول وإن لم يكن المطّلع راغبا وكان كارها.

1. يونس (۱۰): ۹۹ .

2. في الكافي المطبوع: + «عزّ وجلّ».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
520

۰.سوءا نَكَتَ في قلبه نُكتةً سوداءَ ، وسَدَّ مَسامِعَ قلبِه ، ووَكَّلَ به شيطانا يُضِلُّهُ» ثمّ تلا هذه الآية : « فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُو يَشْرَحْ صَدْرَهُو لِلاْءِسْلَـمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُو يَجْعَلْ صَدْرَهُو ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّمَآءِ » .

۳.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد، عن ابن فضّال ، عن عليّ بن عُقْبَةَ ، عن أبيه ، قال :سمعتُ أبا عبد اللّه عليه السلام يقول : «اجْعَلوا أمرَكم للّه ، ولا تَجْعلوه للناس ، فإنّه ما كانَ للّه فهو للّه ، وما كانَ للناس فلا يَصْعَدُ إلى اللّه ، ولا تُخاصِموا الناسَ لدينكم ، فإنّ المخاصَمَةَ ممْرَضَةٌ للقلب ، إنّ اللّه تعالى قال لنبيّه صلى الله عليه و آله : « إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَـكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ » وقال : « أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ » ذَروا الناسَ ، فإنَّ الناسَ

وقوله: (وإذا أراد بعبد سوءا) أي إذا أراد بعبد سوءا بإرادته وقوع مراد العبد وعلمه بأنّه يريد السوء (نكت في قلبه نكتةً سوداء) بأن يتركه مخلّى بينه وبين مراده، فيحدث في قلبه نكتة سوداء من سوء اختياره، ويصير مسامع قلبه مسدودةً وتركه ۱ والشيطانَ الموكَّل به لإضلاله؛ لما فيه من سوء اختياره.
قوله: (اجعلوا أمركم للّه ) أي اجعلوا دينكم الذي تدينون اللّه به والتديّنَ به لمرضاته وطاعته (ولا تجعلوه للناس) وليعلموا أنّكم عليه، فلا تظهروا به؛ فإنّ ما كان لطاعة اللّه ومرضاته يصعد إلى اللّه ويصل إليه وهو يجازي عليه، وما كان للناس فلا يصعد إلى اللّه ، ولا يترتّب عليه المطلوب منه . ولا تُخاصموا الناس؛ فإنّ المخاصمة ممرضة للقلب من الجانبين، فتمرض قلوبكم بالميل إلى الغلبة وإظهارها، فلا يخلص للّه ، ولا يجديكم، ويمرض ۲ قلوبهم ويزيدهم ۳ مرضا على مرض باللجاج في باطلهم والعناد له، فلا يؤثّر فيهم ولا يزيدهم إلاّ ضلالاً.
ثمّ أيّد ما ذكره بقول اللّه تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وآله في عدم ترتّب الهداية على مبالغته ومجادلته: « إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَـكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ » ۴ .

1. في «ل»: «ويتركه».

2. في «خ، ل»: «تمرض».

3. في «خ، ل»: «تزيدهم».

4. القصص (۲۸): ۵۶.

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6048
صفحه از 672
پرینت  ارسال به