۰.«أصْلَحَكَ اللّه ُ ، هل جعلَ في الناس أداةٌ يَنالونَ بها المعرفةَ؟ قال : فقال : «لا» ، قلتُ : فهل كُلِّفُوا المعرفةَ؟ قال : «لا ، على اللّه ِ البيانُ « لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا » « وَلاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَآ ءَاتَـلـهَا » » ، قال : وسألتُه عن قوله : « وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمَام بَعْدَ إِذْ هَدَلـهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ » قال : «حتّى يُعَرِّفَهم ما يُرضيه وما يُسخِطُه».
۶.وبهذا الإسناد ، عن يونسَ ، عن سَعدانَ ، رَفَعَه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :«إنّ اللّه َ لم يُنْعِمْ على عبدٍ نعمةً إلاّ وقد ألْزَمَه فيها الحجّةَ من اللّه ، فمَنْ مَنَّ اللّه ُ عليه فجعله قويّا ، فحُجَّتُه عليه القيامُ بما كَلَّفَه ، واحتمالُ من هو دونَه ممّن هو أضعَفُ منه ، ومَن مَنَّ اللّه ُ عليه فَجَعَلَه مُوَسَّعا عليه فحجَّتُه عليه مالُه ، ثمّ تَعاهُدُه الفقراءَ بعدُ بنوافِلِه ، ومَن مَنَّ اللّه ُ عليه فجَعَلَه شريفا في بيته ، جميلاً في صورته ، فحجَّتُه عليه أن يَحْمَدَ اللّه َ تعالى على ذلك ، وأن لا يتطاولَ على غيره ، فيَمنَعَ حقوقَ الضعفاء لحال شَرَفِه وجمالِه» .
باب اختلاف الحجّة على عباده
۱.محمّد بن أبي عبد اللّه ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن أسباط ، عن الحسين بن زيد ، عن دُرُسْتَ بن أبي منصور ، عمّن حَدَّثَه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :«ستّةُ أشياءَ ليس للعباد فيها صُنْعٌ : المعرفةُ ، والجهلُ ، والرضا ، والغضبُ ، والنومُ ، واليَقظَةُ» .
قوله: (لا يكلّف اللّه نفسا إلاّ وسعها) فيه إشارة إلى أنّ المعرفة بكمالها لا قدرة للعبد على تحصيلها بإرادته، وأنّ تكليف غير المقدور قبيح وغير واقع.
وقوله: (ولا يكلّف اللّه نفسا إلاّ ما آتاها) أي ما آتاها معرفتَها.
قوله: (فحجّته عليه القيامُ بما كلّفه) أي ما يحتجّ به عليه بعد التعريف قوّة القيام بما كلّف به، أو المحتجّ له القيام بالمكلّف به. وهذا أظهر وأوفقُ بما بعده من جعل التعاهد للفقراء بنوافل ماله، والحمدِ على شرفه وجماله، وعدمِ التطاول على غيره من الحجّة. وحينئذٍ ينبغي حمل قوله: (فحجّته عليه مالُه) على أنّ المحتجّ له إصلاح ماله وصرفُه في مصارفه، وحفظُه عن التضييع والإسراف فيه.