475
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

باب البداء

۱.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن الحَجّالِ ، عن أبي إسحاقَ ثَعْلَبَةَ ، عن زرارةَ بن أعينَ ، عن أحدهما عليهماالسلام قال :«ما عُبِدَ اللّه ُ بشيءٍ مثلِ البداء» .

باب البَداء
تحقيق القول في البداء أنّ الاُمور كلَّها ـ عامَّها وخاصَّها، ومطلقَها ومقيَّدَها، ومنسوخَها وناسخها، مفرداتها ومركَّباتِها، وإخباراتِها وإنشاآتِها بحيث لا يشذّ عنها شيء ـ منتقشة في اللوح المحفوظ، والفائض منه على الملائكة والنفوس العِلْويّة والنفوس السِفْليّة قد يكون الأمرَ العامَّ، أو المطلق، أو المنسوخَ حسَبَ ما يقتضيه الحكمة الكاملة من الفَيَضان في ذلك الوقت، ويتأخّر المبيّن إلى وقت يقتضي الحكمةُ فَيَضانَه فيه، وهذه النفوس العِلْويّة وما يشبهها يعبَّر عنها بكتاب المحو والإثبات.
والبَداء عبارة عن هذا التغيير في ذلك الكتاب من إثبات مالم يكن مثبَتا، ومحوِ ما اُثبت فيه، والروايات كلّها تنطبق عليه، وبملاحظة جميعها يُهتدى إليه، وإنّما بالغوا في إثبات البداء ردّا على اليهود ومن تابعهم؛ حيث قالوا: إنّ اللّه تبارك وتعالى فرغ من الأمر، فقالوا عليهم السلام ـ كما ورد به التنزيل « يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَ يُثْبِتُ » ۱ ـ : «وهل يُمحى إلاّ ما كان مثبَتا ۲ ، وهل يثبت إلاّ ما لم يكن ؟».
قوله: (ما عُبِد اللّه بشيء مثل البداء) لأنّ فيه الإقرارَ بما في كتاب اللّه سبحانه، وتصديقَه وتصديقَ أنبيائه ورسله والراسخين في العلم، وسدَّ سبيل الوساوس النفسانيّة والشيطانيّة في إنكار الأنبياء عليهم السلاموالأولياء بالتغيير فيما أخبروا به من غير ما اُمروا بتبليغه من الشرائع إن خُصّص البداء بما دون النسخ في الأوامر والنواهي، وفيما جاؤوا به مطلقا إن عُمِّم.

1. الرعد (۱۳): ۳۹.

2. في «خ» : «ثابتا» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
474

۱۱.بعض أصحابنا ، عن محمّد بن عبد اللّه ، عن عبد الوهّاب بن بِشْرٍ ، عن موسى بن قادم ، عن سليمان ، عن زرارةَ ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :سألتُه عن قول اللّه عزّ وجلّ : « وَ مَا ظَـلَمُونَا وَ لَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْـلِمُونَ » قال : «إنَّ اللّه َ تَعالى أعظمُ وأعزُّ وأجلُّ وأمنَعُ من أن يُظلَمَ ولكنّه خَلَطَنا بنفسه ، فجعَل ظُلْمَنا ظُلْمَهُ ، وولايَتَنا ولايَتَه ، حيثُ يقولُ : « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُو وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ » يعني الأئمّةَ منّا» .
ثمّ قال في موضع آخر : « وَ مَا ظَـلَمُونَا وَ لَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْـلِمُونَ » ثمَّ ذكَر مِثْلَه .

أو المراد أنّه النور المشرق منه سبحانه، ولتوسّطه بينه وبين النفوس النوريّة يكون حجابا له سبحانه؛ لأنّه بالوصول إليه وغلبة نوره على أنوارهم يعجز كلّ منها عن إدراك ما فوقه.
قوله: (ولكنّه خلطنا بنفسه...).
لمّا لم يكن اللّه سبحانه مظنّة أن يكون مظلوما لأحد من خلقه، لم يكن نفيه محتاجا إلى بيانه، فهذه المظلوميّة مظلوميّة عباده المنتجبين أسندها إلى نفسه، وخلطهم بنفسه، وذكرهم مع ذكره، وجعل ظلمهم ظلمه وولايتهم ولايتَه، حيث يقول: « إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُو وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ » ۱ يعني الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام، فجعل الولاية وأولويّةَ التصرّف في الاُمور للرسول والأئمّة من بعده، وأسند هذه الولاية التي أثبتها لهم إلى نفسه ابتداءً شرفا وتعظيما لهم.
ثمّ أسند مظلوميّتهم وإزالتهم عن مكانتهم هذه إلى نفسه في موضعٍ آخَرَ ، وقال: « وَ مَا ظَـلَمُونَا وَ لَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْـلِمُونَ » ۲ ثمّ ذكر سبحانه مثله في كتابه من إسناد ما لهم من الرضا والغضب والأسف وأمثالها إلى نفسه في مواضعَ كثيرةٍ.

1. المائدة (۵): ۵۵ .

2. البقرة (۲): ۵۷؛ الأعراف (۷): ۱۶۰.

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 5946
صفحه از 672
پرینت  ارسال به