۰.الملائكةَ الذين يَحملونَ العرشَ يَجِدونَ ثِقْلَهُ على كَواهِلِهم ، فَيَخِرَّونَ سُجّدا ، فإذا ذَهَبَ الغضبُ خَفَّ ورَجَعوا إلى مَواقِفِهم؟ فقال أبو الحسن عليه السلام : «أخْبِرْني عن اللّه ـ تبارك وتعالى ـ منذُ لَعَنَ إبليسَ إلى يومك هذا هو غضبانُ عليه ، فمتى رَضِيَ وهو في صفتك لم يَزَلْ غَضبانَ عليه وعلى أوليائه وعلى أتباعه ، كيف تَجْتَرِئُ أن تَصِفَ ربَّك بالتغيير من حالٍ إلى حالٍ ، وأنّه يَجري عليه ما يَجري على المخلوقينَ؟! سبحانه وتعالى ، لم يَزُلْ مع الزائلين ، ولم يَتغيَّرْ مع المتغيّرينَ ، ولم يَتبدَّلْ مع المتبدّلين ، ومن دونه في يده وتدبيره ، وكُلُّهم إليه محتاجٌ ، وهو غنيٌّ عمّن سواه» .
۳.محمّد بن إسماعيلَ ، عن الفضل بن شاذانَ ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعيّ بن عبد اللّه ، عن الفُضيل بن يسار ، قال :سألتُ أبا عبد اللّه عليه السلام عن قول اللّه جلَّ وعزَّ : « وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَـوَ تِ وَالْأَرْضَ » فقال : يا فضيل ، كلُّ شيءٍ في الكرسيّ ، السماواتُ
التغيّر فيه؛ لأنّه سبحانه لا يجوز عليه التغيّر من صفة وحال ۱ إلى ۲ اُخرى مقابلةٍ لها، بل التغيّر عليه سبحانه في صفاته مُحال؛ لما عرفته سابقا، على أنّه، مِن غضبه ما عُلم أنّه لم يزل كغضبه على إبليسَ، فيلزم أن يكون حملة العرش منذ غضب على إبليس إلى الآنَ سُجَّدا غيرَ راجعين إلى مواقفهم، فعلم أنّ الرواية ـ إن صحّت ـ لم تكن محمولةً على ما فهمه وحملها عليه.
ولعلّ المراد بغضبه سبحانه إنزال العذاب والعقاب، والمرادَ بوجدان الحملة ثقلَ العرش اطّلاعهم على ما في علمه سبحانه من ذلك الإنزال، وعلى ظهور مقدّماته وأسبابه، والمرادَ بأنّهم يخرّون سجّدا خضوعهم وخشوعُهم له سبحانه خشيةً وخوفا من عذابه، وشكرا لما أنعم ۳ به عليهم من حفظهم ممّا يوجب العذاب، فإذا انتهى نزول ذلك العذاب، وانتهى أمده، وظهر مقدّمات رحمته والتجاوز عمّا يوجب عذابه، اطمأنّوا ورغبوا في طلب رحمته.