411
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.يُخْبِرُك أنّه غَمَضَ فيه العقلُ وفاتَ الطلبُ وعادَ مَتَعَمِّقا مُتَطَلِّفا لا يُدرِكُه الوهمُ ، فكذلك لَطُفَ اللّه ـ تبارَك وتعالى ـ عن أن يُدْرَكَ بحدٍّ ، أو يُحَدَّ بوصفٍ ، واللطافةُ منّا الصِغَرُ والقلّةُ ، فقد جَمَعْنا الاسمَ واخْتَلَفَ المعنى.
وأمّا الخبير ، فالّذي لا يَعزُبُ عنه شيءٌ ولا يَفوتُه ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء ، فعند التجربة والاعتبارِ عِلْمانِ ، ولولاهما ما عُلِمَ ؛ لأنَّ من كانَ كذلك كانَ جاهلاً ، واللّه ُ لم يَزَلْ خبيرا بما يَخْلُقُ ، والخبير من الناس المستخبِرُ عن جَهْلٍ المتعلِّمُ ، فقد جَمَعنا الاسمَ واختَلَفَ المعنى .

وقول القائل: لطف فلان في مذهبه (يخبرك) وتفهم منه (أنّه غمض فيه العقل) واُحيط به فلا يحيط به ويعجز عن طلبه وتحصيل العلم به ، (و) لو طلبه (فات الطلب) أي سبق الطلب وذهب عنه (فكذلك) أي بهذا المعنى ومثل هذا الإطلاق والاستعمال اُطلق عليه سبحانه اللطيفُ و (لطف اللّه تبارك وتعالى عن أن يدرك بحدّ) الحقيقة (أو يحدّ) ويعرف (بوصف واللطافة منّا ۱ ) مستعملة في معناها الحقيقي ، أي (الصغر والقلّة) فاللفظ واحد، والمعنى مختلف.
قوله: (وأمّا الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء...) أي العالم الذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته شيء علما غير مستند إلى التجربة أو إلى الاعتبار والنظر، وما يجري مجراهما في ترتّب العلم على حصوله للعالم بعد ما لم يكن بذاته عالما، ولولا ما بحصوله العلمُ، لما علم؛ لأنّ من كان كذلك كان جاهلاً فيما لا بداية له من جانب الأزل، ولا أقلَّ من كونه جاهلاً في ذاته، خاليا عن العلم في تلك المرتبة، واللّه سبحانه خبير أزلاً بجميع ما يخلقه؛ لكونه علّة له، عالما بذاته لذاته لا بعلم زائد كما اُشير إليه سابقا، فلا يكون في ذاته خاليا عن العلم، وعالما لحصول غيره له ممّا ليس له بذاته، فهكذا كونه سبحانه خبيرا.
وأمّا الخبير من الناس فهو المستخبر استخبارا ينشأ عن جهل المتعلّم جهلاً

1. في «خ، ل»: «هنا».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
410

۰.كَسَبَتْ ، والقائمُ أيضا في كلام الناس : الباقي والقائم أيضا يُخبِرُ عن الكفاية كقولك للرجل : قم بأمر بني فلان ، أي اكْفِهِم ، والقائمُ منّا قائمٌ على ساقٍ ، فقد جمعنا الاسمَ ولم نَجْمَعِ المعنى .
وأمّا اللطيف ، فليس على قلّةٍ وقَضافَةٍ وصِغَرٍ ، ولكن ذلك على النفاذِ في الأشياء والامتناع من أن يُدْرَكَ ، كقولك للرجل : لَطُفَ عنّي هذا الأمرُ ولَطُفَ فلانٌ في مذهبه وقوله :

ولذا لم يقل فيه: «يخبر» كما قال في الأوّل والثالث، فالقائم بهذا المعنى أيضا يطلق عليه سبحانه.
(وأيضا القائم يخبر عن الكفاية) ويستعمل في الكافي، ويطلق عليه كما يقال للرجل: (قم بأمر بني فلان، أي اكْفِهِمْ) فالقائم بهذا المعنى أيضا يطلق عليه سبحانه.
وأمّا القيام بمعنى الانتصاب والقيام على ساق الذي يطلق علينا، فلا يطلق عليه سبحانه (فقد جمعْنا الاسمَ) بالاشتراك اللفظي (ولم نجمع ۱ المعنى) بالاشتراك المعنوي.
قوله: (وأمّا اللطيف فليس على قلّة وقضافة) أي ليس محمولاً على قلّة الحجم والنحافة (وصِغَر) الجثّة، بل على (النفاذ في الأشياء والامتناع من أن يدرك) فإنّهما من لوازم اللطف ۲ بالمعنى الحقيقي، فاستعمل فيهما مجازا شائعا فاُطلق عليه سبحانه بهذين المعنيين.
وقوله: (كقولك للرجل: لطف عنّي هذا الأمر) استشهاد لاستعمال اللطف في النفاذ (ولطف فلان في مذهبه وقوله) استشهاد لاستعماله في الامتناع من أن يدرك، فالنفاذ في الشيء: الدخول في الشى ء والخَفاءُ فيه؛ والنفاذ عن الشيء: المجاوزةُ عنه والخفاء فيما وصل إليه، والامتناع عن الإدراك الاحتجاب والخفاء عنه . والمعنيان متشاركان في الخفاء.

1. في النسخ: «لم يجمع» والسياق يقتضي ما اخترناه كما في الكافي المطبوع.

2. في «خ»: «اللطيف».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    سایر پدیدآورندگان :
    تالیف: رفيع الدين محمد بن حيدر النائيني ؛ تحقیق: محمّد حسين الدّرايتي؛ با همکاری: نعمة الله الجليلي
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1382
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 6077
صفحه از 672
پرینت  ارسال به